هل الإنسان عدواني بطبعه؟

TT

سؤال تطرحه على ذاتك في كل مرة تحمل فيها رياحين قلبك لتحترق في مواقد الآخرين، أو تذبل في سباخهم، وعبثا تحاول أن ترتدي حذاء أبي ماضي:

«كن وردة طيبها حتى لسارقها

لا دمنة خبثها حتى لساقيها»

فصدمتك أقوى من مسكنات الشعر، وربت الكلمات، وهدهدة المشاعر.

تطالع منتديات «الإنترنت» فتشعر أن الناس تقضم بعضها هناك، تفتح قناة التلفاز فتهطل عليك أخبار قابيل وهابيل، تهجر بيتك إلى الشارع فيحزنك الموت الذي يتربص بك في الطرقات، تدفن رأسك في صفحات كتاب فتحس أن سياط كاتبه تدفع بك إلى الكراهية، تذهب إلى مكان لعب الأطفال لاختيار هدية لطفلك فلا تجد سوى مسدسات وبنادق وطائرات حربية، وتخطفك الدعاية المكثفة عن فيلم أميركي جديد، فتكتشف أنه فيلم رعب، ولديك فائض من ذلك.

كل شيء حولك في هذا الزمان يخطف براءتك، يسرق أمنك، يخدش فطرتك، تلاحقك حكمة عتيقة: «إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب» وتحتار بين أن تستظل بإنسانيتك، أو أن تنسل من وسط الناس كذئب خرج لتوه من وجاره.

من المسؤول: البيت؟ المدرسة؟ المجتمع؟ من يدري ربما اتسع قفص الاتهام ليشمل الجميع، فالأب الجائر الذي يرى التربية جبروتا، والمنهج الخفي الذي يرى التعليم استنساخا، والمجتمع الأحادي الذي يرى أنه سيد الحياة، كل هؤلاء يشكلون مولدات رئيسية للسلوك السادي الذي يبتهج بعذابات الآخر وآلامه، وفق رؤية: «أنا وبعدي الطوفان».

هل هذا الذي دفع سارتر إلى القول «الجحيم هو الناس»؟ ربما.

حاول أن تحسب أصدقاءك، لن تجد صعوبة، فهم قلة: واحد «مات»، وواحد «فات»، وثلاثة أو اربعة بـ«النيات».

تتساءل: لو كنا كلنا أبرياء، فمن المسؤول عن الخيانة، والغدر، وظلم الإنسان للإنسان؟! لو كنا كلنا أنقياء كما نرى أنفسنا في المرآة فمن غرس الأحزان في صدر الإنسان؟!

صوت في الأعماق يهذي:

أنا متهم، وأنت كذلك، كلانا متهم في عيون الآخرين، والآخرون متهمون في عيوننا.

والحقيقة: كلنا نعيش في المحيط المتبلد يا صديقي!

[email protected]