في الشؤون العلمية اللي «لطشنا» يخلصنا!

TT

بوادر أمل وتفاؤل في الأخبار الاقتصادية والمالية حول العالم جميعها تشير إلى صعود واضح في مؤشرات الأسواق المالية وكذلك الصعود في أسعار برميل النفط. الأزمة المالية العالمية لم تنته رسميا فالأعراض التي يتم الحديث عنها لا تزال قائمة حتى الآن وبالتالي يأتي هذا الصعود الكبير محيرا ولكنه حتما مرحب به.

الأسواق حتى الآن وقت كتابة هذه السطور ارتفعت بنسبة 14% أو يزيد، أما أسعار البترول فهي الأخرى زادت بأكثر من 24%. ولا تزال آراء المحللين والمراقبين في حيرة وهي تحاول تفسير ما حدث وربطه بين أبجديات الاقتصاد وقوانين العرض والطلب فيسقط في يدها لأن ما يحدث الآن هو ليس نتاجا لكل ذلك وإنما هو حقيقة مضاربة مجموعة عادت للأسواق لتصيبها بحالة من النشوى المجنونة فتصعد بالمؤشرات إلى مراحل قياسية جديدة تبعث روح التفاؤل وتعيد إلى الأسواق المبالغ التي كانت قد خرجت منها.

ولكن يبقى السؤال قائما للآن وهو ما الذي حدث حقيقة وأدى إلى انهيار الأسواق وتبخر البلايين بل التريليونات من الدولارات من ثروات الناس؟ هناك «فوائد» قد تم الحصول عليها جراء هذه الأزمة المالية الكبرى، إذا ما تم التدقيق في الأمر سنجد أن هناك ديونا هائلة قد تم شطبها وإعادة جدولة عميقة لأوضاع مالية متعثرة وشركات هشة أدمجت مع أخرى أقوى منها وقطاعات بأكملها أعيدت هيكلتها لتكون لائقة لسوق جديد ومختلف. وبالتالي ما حصل هو أشبه بتنقية مالية DETOX كبيرة للجسد الاقتصادي تخرج منه الشوائب والفضلات والبقايا ليبقى ما هو أقوى وقادر على البقاء. إنها «الداروينية» الرأسمالية في أعتى صورها وهي تظهر للعالم أن البقاء ليس فقط للأقوى ولكن أيضا للأذكى. هناك ثروات تبخرت وشركات فجأة استيقظت لتجد أنها تساوي نصف قيمتها بشكل صادم وصاعق.

ودائما يبقى السؤال: أين ذهبت تلك الأموال؟ والإجابة هي بسؤال أيضا وهل كانت في الأصل أموالا أم مجرد «قيمة» مرتفعة ولا أكثر؟ هذا الطرح يذكرني بحديث حضرته مع صديق وزوجته وهو يحاول الاعتذار لها عن رحلة الصيف ويشرح لها كيف أن الظروف العالمية والأزمة الدولية لن تمكنه من السفر وسداد الفواتير المتوقعة، ولكنها نظرت إليه باندهاش وذهول شديد وقالت: «وما ذنبنا نحن، وكيف أصابنا الأذى والضرر» فبدأ يسرد ويشرح لها عن العولمة وترابط الأسواق وأن «الضرر الذي يصيب نيويورك وهونج كونج حتما سيصيبنا» ووقفت وهي تكاد تشد شعرها وقالت: أقولك إجازتي تقولي هونج كونج وعولمة، نعيش في عالم معقد كل واحد ممدودة يده بشكل افتراضي في جيب جاره، الكل يأخذ من الآخر والكل يعتمد على الغير وإذا اهتز أحد تداعى الآخر. من أخذ الفلوس؟ ومين راح يرجعها.. اللي يعرف الإجابة يخبرنا.

[email protected]