إيران.. قضاء وقهر

TT

انتهت مسرحية اعتقال الصحافية الأميركية من أصل إيراني روكسانا صابري في طهران، بعد أن حكم عليها بالسجن ثماني سنوات، ثم السماح لها بالاستئناف، ومن ثم تخفيف العقوبة إلى سنتين مع وقف التنفيذ، وإطلاق سراحها.

انتهت المسرحية بسلام هذه المرة، وخرجت الصحافية الشابة، وملكة الجمال السابقة لشمال داكوتا الأميركية، بعد أن أمضت نحو 5 أشهر في السجن بتهمة التجسس لدولة معادية، وهي عقوبة تؤدي إلى الحكم بالإعدام في إيران.

لا شك أن روكسانا كانت أكثر حظا من المصورة الصحافية الكندية من أصل إيراني زهرة كاظمي التي اتهمت بالتجسس، ولقيت حتفها بعد تعرضها للضرب والتعذيب في نفس السجن الذي سجنت فيه روكسانا صابري وهو سجن إيفين.

لكن بعد انتهاء معاناة الصحافية الشابة، التي قيل إنها كانت في طهران لإنجاز كتاب عن ثقافة إيران والإيرانيين، ما يزال السؤال قائما عن ما هو الهدف من اعتقالها، وما هو الثمن خلف الإفراج عنها الآن؟ فمن يتابع تاريخ الثورة الإيرانية يعرف جيدا أن طهران دائما ما برعت في استخدام لعبة الرهائن، سواء منذ حادثة السفارة الأميركية في طهران، أو في غيرها من قضايا الرهائن الأخرى.

تدخل الرئيس الإيراني، وخطابه المعلن للقضاء في بلاده حول ضرورة ضمان محاكمة عادلة للصحافية، مع ضمان سلامتها وحريتها، كان مؤشرا كبيرا على استخدام طهران لقضية الصحافية سياسيا من أجل تسجيل نقاط في الحوار مع الأميركيين.

وبالطبع فإن مما ضغط لإطلاق سراح روكسانا أن والدتها يابانية الأصل، مما استدعى تدخل اليابانيين في الوساطة أيضا، بحسب ما أشارت إليه بعض الصحف الإيرانية، وهذا يعني أن قضية الصحافية قد اكتسبت بعدا دوليا كبيرا كان من شأنه الضغط على طهران.

إلا أن اللافت في الأمر هو ما ذكره صلاح نكبخت، محامي الصحافية روكسانا، بعد قرار محكمة الاستئناف الإيرانية بإطلاق سراحها، حيث قال إن «حكم محكمة البداية الأولى ألغي، بحجة أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تعتبر دولة معادية لإيران»!

فإذا لم تكن الولايات المتحدة الأميركية دولة معادية لإيران، فلماذا كل هذه الشعارات التي يستخدمها النظام الإيراني على المستويات كافة، وفي كل المحافل؟ ولماذا يتغنى حلفاء إيران في منطقتنا بأن تحالفهم مع طهران هو بسبب وقوفها ضد المطامع الأميركية؟

ونحن هنا لا نتحدث عن وجهات نظر مختلفة أو جدليات، بل عن حيثية استجابت لها محكمة الاستئناف في طهران، وبموجبها أبطلت حكما سابقا يقضي بسجن الصحافية ثماني سنوات بتهمة التجسس.

فكم هو أمر عجيب وغريب، بعد كل هذه الشعارات التي أغرقنا ويغرقنا بها الإيرانيون، وحلفاؤهم بالمنطقة، عن عداوة أميركا، وأطماعها، وتحالفها مع المخططات الصهيونية، وتحويل أميركا إلى تهمة لإدانة الخصوم، تقول المحكمة الإيرانية إن أميركا ليست دولة عدوة!

أم هل أن الإيرانيين يتعاملون مع حلفائهم بالمنطقة على قاعدة المقولة السياسية الشهيرة «افعلوا ما نقول، وليس ما نفعل»؟

[email protected]