ما الثمن لو حكم «8 آذار» لبنان؟

TT

حتى الذين لا يتفقون ولا يحبون فريق 14 آذار، الذي يمثل الأكثرية البرلمانية ويدير الحكومة، يدركون أنه لولاه لكان لبنان طوال السنوات الأربع الماضية في وضع سياسي أسوأ واقتصادي كارثي. فالمجتمع الدولي هو الذي ساند حكومة السنيورة لأنه يريد دعمها في وجه التهديدات والأزمات ردا على استهدافها بالاغتيالات والتفجيرات. وجرى دعمها كسياسة في وجه سورية وإيران.

أي أننا أمام وضع سياسي بامتياز على وشك الانقلاب. ماذا لو سقط الفريق الحليف؟

إن فاز فريق 8 آذار على الناخب اللبناني أن يدرك الثمن، كما يعرفه اليوم ابن غزة الذي صوت لحماس بدل فتح. فالكثير من دول العالم المهمة، وكذلك بعض الدول العربية، ستحجم عن دعم حكومة يهيمن عليها حزب الله. هل ستكون حكومة محاصرة؟ ربما ليس بنفس الصيغة التي تحاصر بها حماس في غزة، بمنع الدقيق والبنزين، إنما هناك الكثير من الملامح المشتركة.

الأرجح أن أول الضحايا الليرة. فالعملة اللبنانية يتم تداولها اليوم بسعر يعتمد جزئيا على ثقة المجتمع الاقتصادي في الحكومة، فهل السوق ستثق بعون وحزب الله؟ خارجيا قد لا تحظى ليرة حكومة حزب الله المقبلة بنفس الأجر الذي كان تصرف به أمام الدولار في عهد فؤاد السنيورة. وعلينا ألا ننسى أن الليرة تقوم جزئيا اليوم على دعم الليرة مباشرة من الخارج، حاليا تدعمها وديعة مالية سعودية.

ثم إن هناك القوة الأكبر، الولايات المتحدة، التي تستطيع بقرارات مصرفية جعل كل دولار يتم تحويله في أي مكان من العالم من وإلى لبنان تحت المتابعة والتعطيل. ولو تعقدت العلاقات السياسية مع واشنطن، فإن ليرة لبنان ستصبح أسوأ حالا من الريال الإيراني، الذي يعاني من المقاطعة في معظم أسواق العالم.

هذا كله مرهون بدور حزب الله لو فاز. فإن قرر فرض مواقفه السياسية على نشاطات الحكومة الجديدة، باعتباره يمثل الثقل الرئيسي فيها، سيعقد علاقات لبنان مع الغرب، خاصة إن كان يعتقد أن حزب الله مسؤول عن إدارة الأجهزة الأمنية التنفيذية، أو رغب في محاصرته سياسيا.

المنطق يقول إن فاز فريق 8 آذار بالانتخابات، وشكل حكومة بأغلبيته، لن يحاول أن يجعلها حكومة ثورية، ولن يصارع بها الولايات المتحدة، لكن من قال إن المنطق هو الذي يحكم السياسة في لبنان، وخاصة هذا المعسكر بقيادة الجنرال عون والسيد حسن نصر الله؟ مثلا، هل سيلزم حزب الله الحكومة بمساندة الموقف السياسي الإيراني أم سيقف على الحياد؟ هل ستلتزم الحكومة، ولو كموقف سياسي علني، بمنع تهريب الأسلحة إلى حزب الله التزاما بقرار مجلس الأمن؟

وما لم يظهر فريق 8 آذار إلى العلن، ويقدم توضيحات صريحة وتفصيلية حيال أين سيقف في كل القضايا المختلفة، فإن الناخب اللبناني سيفكر مرتين حتى لو كان ابن الضاحية الموالي لحزب الله، أو ماروني متعصب لتيار ميشال عون. سيواجه كل لبناني أولا مشكلة سعر الليرة التي تقف اليوم على عكازي خشب، وستواجه الحكومة أزمة مالية لو تراجعت الالتزامات الدولية، والأخطر لو صنف لبنان مثل سورية وإيران، ووضع في قائمة الدول المشتبه في كل مواطنيها، حتى لو كانوا يعملون في حقول الزراعة. 

[email protected]