هو قال: لا تأكل.. وأنا قلت: لا أنام!

TT

ولماذا لا يكون لنا حزب يجمع بيننا أو يجمعنا على صفة مشتركة.. أصدقاء لنا أعضاء في حزب الحمير.. أي حزب المغفلين الذين لم يحسنوا الكذب والنفاق والندالة.. ولو حدث لكانوا أفضل وأغنى وأنفع. ولكن لأنهم حمير فقد عجزوا عن كل ذلك..

وآخرون لهم (حزب الشجرة) لأنهم نباتيون يأكلون الأعشاب والفواكه، ولا يذوقون كل أنواع اللحوم من البر أو البحر أو الجو.. وكما أن الفلاسفة القدماء كان لهم حزب (إخوان الصفا وخلان الوفاء) فقد رأيت أن يكون لنا حزب (إخوان الأرق وخلان الجوع) فأنا آكل قليلا وأنام نادرا.. ولم أجد أحدا ينضم إلى هذا الحزب. فأكثرهم يأكلون وينامون أو يأكلون ليناموا. فهذا هو الحزب الذي أنا رئيسه وبوابه أيضا!

أو أن يكون اسم الحزب: الجوع أبدا والموت أرقا!

ووجدت أن هناك مذهبا صوفيا قديما للصوفي السوري أبو عثمان الجوعي ـ نسبة إلى الجوع. فقد قرر أن يعيش جائعا ثم يموت جائعا. فقد يمضي الشهر وزيادة دون أن يأكل أو يشرب. ويقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جوعوا تصحوا.. وقال أيضا: حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه.

والقرآن الكريم يقول: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع».

وقيل عن هؤلاء الجوعى: أكلهم أكل المرضى. ونومهم نوم الغرقى. وكلامهم كلام الخرقى!

وقالوا إن الجوع للمريدين رياضة، وللتائبين تجربة، وللزهاد سياسة، وللعارفين مكرمة..

وقال ابن الجوزي العراقي في كتابه (تلبيس إبليس) إن هؤلاء الصوفية نصابون وكذابون. لقد تركوا السنة، واخترعوا لأنفسهم سنة جديدة!

ولكن لماذا يكون لأحد حزب.. لماذا يحتاج إلى أن يكون له زميل أو شريك أو شاهد على حاله؟

حتى لا يقال إنه هو الحمار الوحيد. فغيره كثيرون. وهم يقدمون أنفسهم دون سند من الحديث أو القرآن. والرسول عندما علم أن شخصا لا يترك المسجد لا ليلا ولا نهارا سأل: من ينفق عليه؟ قالوا: أخوه. قال: أخوه أفضل منه!

فهؤلاء الجياع إلى الطعام وإلى النوم وإلى الفكر وباختيارهم ليسوا حكماء وإنما هم فعلا زعماء حزب الحمير. فليس الحمار هو الذي لم يستطع أن يكون منافقا أو كذابا.. بل الذي يفعل أسوأ من ذلك وهو لا يدري..

ولا أعرف لي حزبا فأنا جائع معظم الوقت، ونائم أقل الوقت، ليس اختياري وإنما هو الطبيب الذي حرمني الطعام فاستحال النوم مع هذا الجوع!