وزارة إعلام.. لإسرائيل هذه المرة!

TT

يبدو أن العدوى أصابت الدولة العبرية أيضا.

ما لم تقدم عليه منذ نشوئها كدولة أقرته اليوم في اجتماع لحكومتها..

فقرار الحكومة الإسرائيلية الأخير إنشاء وزارة إعلام في إسرائيل وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ قيام الدولة عام 1948 هو تحول في موقع الإعلام فيها.

الشائع في الديمقراطيات الغربية هو تفادي إنشاء وزارات للإعلام بل الدعوة إلى تطوير الأنظمة بحيث تنتفي الحاجة إلى وزارة إعلام .

بات لإسرائيل وزارة إعلام.

لا يعني أن إنشاء وزارة الإعلام في إسرائيل هو التراجع الوحيد أو النقيصة الأكبر لكن ربما بدت هذه الخطوة بمثابة اكتمال عقد التراجع والانكفاء..

لطالما شعرنا نحن الصحافيين العرب أو بعضنا على الأقل أن الإعلام في إسرائيل هو جزء من منظومة «متقدمة» على منظوماتنا ترعاه قوانين ونظم أكثر ليبرالية وديمقراطية من أنظمتنا بحيث يتاح لصحافي إسرائيلي فضح دولته وإدانة انتهاكاتها ومسؤولين فيها وسوقهم إلى المحاكم ومحاسبتهم، وهي أمور حدثت وتحدث في إسرائيل.

اليوم قررت إسرائيل إنشاء وزارة إعلام وهذا الأمر ترافق مع إشارات سبقت وصول اليمين الإسرائيلي إلى السلطة. فما رافق الحرب الإسرائيلية على غزة مؤخرا من سعي لتوظيف إسرائيل للإعلام في خدمة المعركة كان إشارة أكيدة على رغم واقعة كشف بعض الإعلام الإسرائيلي لانتهاكات للجيش في القطاع. الأمر لم يتوقف عند هذه الحد فخيارات الناخب الإسرائيلي أشّرت إلى أن ثمة رغبة لدى هذا الجمهور في تجاوز ما تقول إسرائيل إنها أسس الدولة العبرية والمتمثلة في مؤسسات ثمة توافق على احترام عملها.

شائع اليوم في إسرائيل أن الديمقراطية لا تطرد الخطر الأمني ولا تطوقه، وأن حقوق الأقليات وإن كفلها الدستور ليست مقدسة وما استتبع ذلك من كلام عن يهودية الدولة أو التنصل من خيار الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية.

لا شك أن صورة إسرائيل ومنذ أكثر من عقدين تتراجع وإن بتفاوت لدى الرأي العام الغربي. واليوم وبعد حربي لبنان وغزة وانكشاف مدى الانتهاكات التي ترتكب ومع تسلم اليمين الإسرائيلي مقاليد البلاد.

مع التحول في الإدارة الأميركية الجديدة ومع الامتعاض الأوروبي المتزايد من سياسات إسرائيل العنصرية والقمعية تواجه الدولة العبرية صعوبة في تسويق نفسها أمام رأي عام كان يفترض أنه داعم لها بصفتها هي الضحية أو بصفتها دولة متمايزة في محيط متخلف يسعى إلى تدميرها.

اليوم يبدو القرار بشأن تأسيس وزارة إعلام في إسرائيل مندرجا في سياق مواجهة رأي عام عالمي بات يشكك في الرواية الإسرائيلية. فالحاجة إلى صورة نمطية لتقديمها إلى رأي عام لا يؤمنها إلا إعلام أخذ على عاتقه تسويق صورة لا إجراء رقابة..

* مقال اسبوعي يتابع قضايا الإعلام