عندما اتهمت بالسرقة

TT

يواجه الإنسان في حياته أحيانا مواقف لا أدري بماذا أشبهها، إن قلت عنها سخيفة فهي سخيفة، وإن قلت محرجة فهي كذلك، وإن قلت مغضبة فعين الصواب.

بعضكم لا يفطن لذلك، أو لا يدقق فيها.

غير أنني أختزن منها في ذاكرتي الشيء الكثير، وقد يكون لامتهاني للكتابة بين الحين والآخر دور في ذلك الاختزان الذي ليس من ورائه أي فائدة، اللهم إلاّ (وجع الدماغ).

فاعذروني إذا تحدثت إليكم أحيانا في أمور شخصية لا تعني لكم شيئا ولا تمت لكم بصلة، ولكن ماذا أفعل إذا كان لابد لي أن (أفضفض)، ولو لم أفعل ذلك لانفجرت.

ثم إن لديّ قناعة أن ليس هناك شيء (تافه) على الإطلاق، ولا شيء (نافع) على الإطلاق، وإنما الأمور والأشياء والاحتمالات كلها (نسبية).

ها أنذا أخذتكم معي في (دوكة) مثلما يقول إخواننا (المصاروة) ـ هكذا ينطقها إخواننا (الشوام) ـ، وأهل نجد ينطقونها: (المصارية)، فاختاروا ما يحلو لكم منها، ولكن أرجوكم فسروا لي كلمة (دوكة)، وما سبيلها من الإعراب.

ولكي لا أنسى ولا يفلت الموقف مني أقول لكم: إنني ما زلت أتذكر مناسبة جلستها مع بعض الرفاق، وعندما انفضت الجلسة وعزمت على الذهاب، وإذا بصاحب المنزل الذي يعرف مكاني الذي أنا ذاهب إليه، يطلب مني بأدب أن أوصل أحدهم إلى الفندق الذي ينزل فيه، وهو بالمناسبة على طريق منزلي، فرحبت بذلك الشخص الذي لا أعرفه من قبل، وشاهدته لأول مرة في تلك الجلسة، وفي الطريق تجاذبت معه أطراف الحديث المقتضب، وعرفت من خلال ذلك اسمه.

أوصلته إلى الفندق، ونزل من السيارة، ولفت نظري أنه لم يشكرني، وكأنه مفروض عليّ إيصاله، وكل ما فعله أنه رزع باب السيارة بعنف، وقلت بيني وبين نفسي: قد يكون الرجل مأزوما أو مهموما، وعذرته على تصرفه ذاك، ومضيت في حال سبيلي، وعندما هممت بالنزول من سيارتي حانت مني التفاتة للمقعد الذي بجانبي فشاهدت حافظة نقود عليها، فجزمت أنها سقطت من جيب ذلك الرجل، فما كان مني إلا أن أنطلق مرة أخرى للفندق.

وذهبت (للرسبشن) وطلبت منهم أن يتصلوا (بفلان) ويطلبوا منه الحضور لأمر هام، وجلست أنتظر وبعد ربع ساعة أتاني قائلا بدون كلام أو سلام: (خير إن شاء الله).

قلت له: خير، خير، ومددت له محفظته، واستدرت لكي أخرج، غير أنه قال لي: لو سمحت انتظر، ووقفت مستعجبا عندما شاهدته يفتح الحافظة ويبدأ بعد نقوده أمامي بتؤدة، وبعد أن انتهى قال: مضبوطة، فأعطاني (عرض أكتافه) دون أن يقول لي أيضا شكرا، بل إنه عندما كان يعد نقوده كان يحدق بي بين الفينة والأخرى وكأنني كنت أريد أن أسرقها.

بالله عليكم كيف يكون شعور الواحد منكم لو أنه كان في مكاني؟!

[email protected]