إخفاقات بوش

TT

يجتمع الرئيس السابق جورج دبليو بوش وبعض ممن كانوا يساعدونه في البيت الأبيض في دالاس لمناقشة الخطط المستقبلية لمعهد سياسات جورج دبليو بوش. ووفقا لتخميناتي، فإنهم سوف يبحثون الأعمال الفنية الكبيرة والردهات المغطاة بالرخام، ولكني أقترح أن يبدأوا بتغيير اسم المكان. أقترح تسميته «معهد جورج بوش لفشل الإدارة»، وتخصيصه لتدريس كيف أن هذه الحقبة الرئاسية كانت بها أخطاء إلى حد كبير، وهي مهمة كبيرة جدا.

وحقيقة، تعد فترة بوش الرئاسية فترة غير اعتيادية، حيث ترك منصبه وهو بمعدلات رضا عن الأداء الرئاسي تعد الأقل خلال 60 عاما، حسب ما أظهرته الاستطلاعات، وترك حربين بدأهما ولم ينههما وركودا يعد الأشد منذ فترة الكساد الكبير. ولو كان صحيحا أننا نتعلم من أخطائنا، فإن الثمانية أعوام التي قضاها بوش في المنصب الرئاسي بها الكثير والكثير من الدروس.

ومما يدفع إلى دراسة فترة بوش الرئاسية، ما ساد خلالها من حمق محض على المستوى الإداري. هناك الكثير، مقدار كبير من السخرية من شخص غير مشهور بالميل للسخرية. وعلى أي حال، فإن أحد مجالات خبرات بوش هو مجال الإدارة. فبالإضافة إلى أنه كان رجل أعمال، فإنه تخرج في كلية التجارة بجامعة هارفارد. كان بوش صاحب القرار، وكان المفوض، كان دقيقا ومنضبطا، حيث كان يذهب إلى المكتب مبكرا ويغادره مبكرا ولديه مكتب نظيف في كافة الأوقات. نجاح باهر.

يقول الاعتقاد السائد إن حرب العراق غير المتقنة كانت نتيجة آيديولوجية تندفع بصورة جنونية. ربما. ولكنها كانت نموذجا على الإدارة المرعبة. وسواء كنت تدعم الحرب أم تقف ضدها، فعليك أن تعترف بأنه كان يجب إنهاؤها قبل أعوام، وأن هذه الحرب، مع غزو غرينادا، تناسب موضوعا بحثيا لشخص بائس يسعى للحصول على رسالة دكتوراه، وليست تمثل انهيارا له تداعيات، كما هي الآن.

وبسبب إصرار دونالد رامسفيلد، نشبت الحرب بعدد قليل للغاية من القوات، وبعد ذلك عند احتلال البلاد، كان هناك عدد قليل من القوات هناك لحفظ القانون والنظام. وأصبحت الأوضاع أسوأ عندما قام بول بريمر، نائب رامسفيلد المبجل، بتفكيك الجيش العراقي ليطلق العنان لعدد كبير من الرجال الشباب المسلحين والعاطلين كي يطلقوا النيران في كل مكان. وقام بريمر بتطهير الحكومة من أعضاء حزب البعث، ولم يترك أي شخص في منصب بارز كان يعرف أي شيء. وتشير المعطيات إلى أن ذلك كان يأتي على غرار ما قام به بوش في البيت الأبيض نفسه.

ولو كان لبوش ورامسفيلد وبريمر أداء أفضل، ربما كانت انتهت الحرب في وقت أقرب. وفي النهاية كانت هناك حاجة لزيادة عدد القوات للسيطرة على الأمور، وتبين أن ذلك كان تصريحا فيه تفاؤل بدرجة مبالغ فيها. بيد أنه ما كان لزيادة عدد القوات أن تكون ضرورية، لو تمت إدارة الحرب من البداية بالطريقة المناسبة.

نشبت الحرب في أفغانستان ضد طالبان، التي وفرت ملاذا آمنا لأسامة بن لادن، ولكن عولجت هذه الحرب أيضا بطريقة خاطئة. ومرة أخرى، أرسل عدد قليل للغاية من القوات لأداء مهمة كبرى.

يعلم المديرون الجيدون كيف يمكن أن يختاروا. وارتكب بوش خطأً عندما أعطى العراق أولوية على أفغانستان، ولكنه فضل ألا يختار شيئا البتة عندما قدر أن كلا الحربين يمكن الدخول فيهما في الرخصة، دون سحب ودون زيادة في الضرائب ودون تضحية من جانب الرأي العام. ويتعين على معهد بوش لعجز الإدارة أن ينظر أيضا في تأخر الدولة للغاية في ملاحظة أننا ننزلق في غياهب ركود شديد. ويجب أن يأتي مع ذلك نظرة في أن الأشخاص الكثر الذين عينهم بوش فشلوا في تنظم قطاعات المصارف والتأمين والإسكان والرهون العقارية. (هل ذكرت إعصار كاترينا؟)

وعلى بوش ومساعديه أن يخصصوا بعض الوقت لأخطاء وزارة العدل، حيث جرى تسييسها وعانت من سوء الإدارة لدرجة أنه حتى مجلس الشيوخ لاحظ ذلك. من الواضح أن محامي الولايات المتحدة كان يجب أن يجتازوا اختبارا سياسيا، ولكن فسر الدستور على غرار الاتجاهات الملكية، وبطريقة ما لم تكن محاكمة تيد ستيفنز متقنة لدرجة أن إدانته ضرب بها عرض الحائط. وأشرف البيت الأبيض على ألبرتو غونزالز، وهو صديق لبوش، عن طريق هاريت ميرز، وهي صديقة قديمة لبوش مؤهلاتها لهذا المنصب هي أنها كانت صديقة لبوش. ولو كان بوش ومساعدوه ينخرطون في دنيا السياسية بالفعل، فأمنيتي الغالية هي أن يسألوا كارل روف، وهو رجل يتحدث كثيرا بثقة شديدة، عما حدث. حصر روف الحزب الجمهوري في شخصه وراش ليمبو ومجموعة من ذوي رابطات العنق الحمراء المبعثرين داخل الكونغرس.

ويجب أن تجعل رئاسة بوش، الغنية بالدروس، الجميع يقضون الليل يفكرون فيها. إذا كان الوقت غير متأخر للغاية، لاسيما بالنسبة لباراك أوباما الذي يميل إلى النقد، فدعوني أقترح نوعا من الحلوى. ما رأيكم في فطيرة بسيطة؟

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»