بن نصر الله.. خطاب الفسطاطين

TT

خطاب زعيم حزب الله يشبه كثيرا خطاب زعيم «القاعدة» بن لادن الذي قسم فيه العالم إلى فسطاطين، حيث قسم بن نصر الله لبنان إلى قسمين، قسم يمثل حزبه، والآخر هو كل من يقف ضد مخططاته.

وذكّر بن نصر الله الأكثرية بما سماه «حماقة» الخامس من مايو، مهددا إياهم بيوم يشبه يوم احتلال بيروت الذي اعتبره «يوما مجيدا من أيام المقاومة» وهو اليوم الذي نكل فيه بسنة العاصمة اللبنانية. ولم يكتف بذلك بل برر انقلاب 7 مايو بالقول إن وزراء الأكثرية كانوا يخططون لحرب مذهبية في بيروت، حيث كثفوا اتصالاتهم يوم 5 مايو بالسعودية ومصر لتنفيذ المخطط، إلا أن تحرك حزب الله تجاه بيروت أفسد ذلك!

ومعنى كلام بن نصر الله أن دول السنة، وتحديدا السعودية ومصر، هي التي تخطط ضد شيعة لبنان، وعليه فإن بن نصر الله هو حاميهم، رغم محاولته في خطابه الفج للظهور بمظهر الرجل غير الطائفي، لكن يكفي اعتباره يوم 7 مايو يوما مجيدا.

ومن المهم التنبه هنا إلى أن خطاب بن نصر الله، الذي أعلن فيه قرب إعلان دولة حزب الله اللبنانية، يشبه كثيرا خطاب علي خامنئي الذي ألقاه الثلاثاء الماضي في إيران، بل جاء على نسقه وهديه، ويبدو أن خطاب خامنئي سيكون شعار المرحلة في منطقتنا. فقد قال خامنئي في مدينة سننداج كبرى مدن كردستان إيران إن السلفيين والوهابيين مرتزقة، وأصحاب فكر ضال، وإنهم عملاء لأعداء الأمة، متهما إياهم بأنهم يسعون لتفريق الأمة الإسلامية!

وهنا نلاحظ أن بن نصر الله قد مضى يبني على كلام خامنئي حين قال إن وزراء الأكثرية كانوا يخططون لحرب مذهبية، ويتصلون بالسعودية ومصر وأميركا وفرنسا، في محاولة لتصوير أكبر دولتين عربيتين تسعيان لاستقرار لبنان ودولته، بالعمالة ونصرة طائفة ضد الأخرى!

ومن هنا نلاحظ أن بن نصر الله قد رسم فسطاطين بخطابه، فسطاطه هو، وفسطاط الأكثرية، الذين توعدهم بيوم آخر من أيام «المقاومة المجيدة». لكن اللافت أن خطاب بن نصر الله كان أشبه بخطاب ما بعد الانتصار في الانتخابات، على الرغم من أنه أمر مبكر جدا، إلا إذا كان حزب الله يشعر بورطة حقيقية على الأرض قبل الانتخابات، ولذلك انفضح وجهه الطائفي. فابن نصر الله تحدث بتعال واضح، خصوصا حين قال إنه قادر على إدارة مائة بلد مثل لبنان، مشيرا إلى مقدرة الحزب وحده على الحكم.

وهنا يصبح السؤال المستحق: هل بمقدور بن نصر الله الذي يتملكه غرور كبير، والشعور بازدراء للخصوم يتضح من خلال لغة التهديد، أن يتقبل الهزيمة في الانتخابات اللبنانية القادمة؟

لا أعتقد! ولذا فإن السؤال الأخير هنا هو أي مستقبل ينتظر لبنان في ظل وجود رجل بهذا الغرور، وهذا التفكير، وهذه المبادئ؟

[email protected]