يوم تبرئة اليهود من دم المسيح!

TT

كان ذلك من 46 عاما. ذهبت كل المذاهب المسيحية إلى اجتماع عالمي في الفاتيكان. ويسمونه المجمع المسكوني، نسبة إلى المسكونة التي هي الأرض. فقد دعا الكاثوليك كل المسيحيين لأمر هام جدا.

وعلاقتي بالديانة المسيحية طويلة وعميقة. فقد درست الأديان، وقمت بتدريس (الأديان المقارنة) في كلية الآداب.. وكنت أتردد طويلا على (الدير الدومنيكي) بشارع مصنع الطرابيش في العباسية بالقاهرة.

ورأيت في المجمع المسكوني عددا من القساوسة المصريين والرهبان أيضا. وكان لا بد أن أحضر. فقد جئت من القاهرة لهذا السبب. وهناك شرط.. أن أرتدي ملابس الرهبان. لا مانع. ولكن أين؟ وجدت صديقي الراهب المصري الأب قنواتي مدير الدير الدومنيكي، فقال «لا مشكلة.. وسوف نجد مسوحا تليق بك».

وتدربت على بعض الحركات باليدين مضمومتين، وبالانحناء بعد الكلام أو الاستماع. وإذا حملت معي الكتاب المقدس، فليكن بهذا الوضع. وإذا دار حوار بيني وبين أحد، فيجب أن يكون كلامي عامّا، لا قاطعا. والابتسامة تكون معناها: ربنا كبير.. أو يجوز.. خير إن شاء الله.. سوف ترى..

ولم أجد ضرورة لكل ذلك.. فانحشرت بين الرهبان، ووجدت لي مكانا، وانشغلت وتظاهرت بالاستغراق الشديد، حتى لا يسألني أحد.. ولم يسألني أحد.. فالجميع ينظرون إلى حيث يجلس بابا الفاتيكان يوحنا الثالث والعشرون..

وبعد إجراءات وسلامات وتحيات باللغة الإيطالية واللاتينية، ظهر الكاردينال الألماني يبيا، وبدأ الجد. وقرأ الوثيقة. تقول «مطلوب منا أن نصدر عفوا عن اليهود، ولا داعي لأن نلعنهم في صلواتنا، فليسوا هم الذين صلبوا المسيح.. وحتى لو كان اليهود القدامى قد فعلوا ذلك، فما ذنب المعاصرين؟».

ووافقت المذاهب والفصائل من كل مذهب مسيحي على تبرئة اليهود من دم المسيح. وانفتح باب الاجتهاد والتخمينات.. كيف حدث هذا؟ كم دفع اليهود والأمريكان للفاتيكان؟ ومَنْ الذي أعطى، ومَنْ الذي أخذ؟

أما نحن كمسلمين، فنرى أن المسيح لم يصلب.. والقرآن صريح «وما صلبوه» يقينا.. «وما صلبوه ولكن شُبِّهَ لهم»..

وتبقى مشكلة طوائف مسيحية.. وقد انتهي موقف الكاثوليك بلعن اليهود عند كل صلاة. أما المذاهب الأخرى، فلم تتوقف عن ذلك! وخلعت مسوح الرهبان. وذهبت أبحث عن «فرفشة» في مكان آخر، لا شأن له بدينك وديني، ومذهبي ومذهبك!