أكبر من 13 سعودية!

TT

شهّر موقع على الإنترنت، زورا، بـ 13 صحافية سعودية، فقامت الدنيا ولم تقعد، وهذا أمر جيد، فالتشهير أمر مرفوض ولا علاقة له بالحرية. لكن أبرز المطالبات كانت ضرورة سن قوانين للمواقع الالكترونية الصحافية على اعتبار أن الصحف الورقية لها قوانين تحكمها بينما مواقع الإنترنت منفلتة، فهل يحل ذلك المشكلة؟

أشك! فمواقع الإنترنت كالسيل، الذي عادة ما يجد مجراه. الحل الأهم، هو الشروع بتطبيق قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية بصرامة، سواء في السعودية أو العالم العربي. فمثل ما يقال بالسياسة «اتبع الأموال»، أي اعرف مصادرها، فإن جل المواقع الصحافية الإنترنتية لا تحتاج إلى مصاريف مالية على غرار المؤسسات الصحافية، بل إن مواقع الإنترنت تقوم على سرقة أخبار الصحف الورقية، وهذا هو الخلل. فبينما المؤسسات الصحافية تصرف الملايين من أجل خلق المحتوى الصحافي، وخلق وظائف تساعد على تشكيل الطبقة الوسطى، تقوم جل مواقع الإنترنت العربية على مجد شخصي، أو خدمة لأجندات خفية، من دون تكلفة مالية كبيرة!

وتطبيق قوانين الملكية الفكرية ينطبق أيضا على المدونات الشخصية، التي يفترض أن الغرض الأساسي منها هو إطلاق وتحفيز الإبداع الفردي، لا النقل من الصحف أو الكتب، أو التشهير، وفي الغرب تخضع المدونات لقوانين الملكية الفكرية.

ومهما قيل ويقال، فمن المعلوم أن الانترنت لا تدر مالا حتى اليوم في العالم العربي، وعليه فإن انفلات عملية سرقة محتوى الصحافة الورقية، سواء من الانترنت أو من قبل بعض الفضائيات العربية أمر خطير على اقتصاديات أي بلد ككل، لا الصحافة فقط.

فحتى صناعة الكتب تتضرر من نقل محتواها من دون مقابل على الانترنت، مثلما يحدث للصحف الورقية، علما بأن الكتب تطبع أصلا بأسعار زهيدة في بعض الجامعات، وهذا التعدي من الانترنت فيه إجحاف وقتل للإبداع، ولصناعة الكتب. فمؤلف الكتاب يحتاج باحثين ومساعدين، وهذه وظائف، فمن سيدفع هذه المصاريف ما دام العائد صفرا؟ فهل يعقل أن يصل سوق صناعة الكتب في بريطانيا عام 2008 إلى مبلغ 3.4 مليار جنيه استرليني، وفقا لجمعية الناشرين البريطانية، إذا لم تكن هناك حقوق ملكية؟

والأمر نفسه ينطبق على السينما والموسيقى، حيث تصرف الملايين، وتتبخر، فبمجرد نزول فيلم جديد لدور السينما تجده يباع بأقل من دولارين في الأزقة، وما أن ينزل شريط غنائي حتى تجده على الانترنت من دون مقابل، وينتهي الفنان والمؤلف إلى استجداء حقوقهما، بينما أغنية غربية واحدة تدر على صاحبها ملايين الدولارات.

والأمر نفسه يحدث في عالم برمجيات الكومبيوتر، والطريف أن معظم برامج المواقع الإنترنتية المراد تطبيق قوانين النشر عليها غير نظامية فهي مستنسخة، وتخالف قوانين الملكية الفكرية!

وإذا استمر الحال على ما هو عليه فلن يكون لدينا شانيل في الأزياء مثلا، ليس لنقص العقول، وإنما لأن الإبداع «لا يؤكل عيشا»، فقيمة صناعة الأزياء مثلا في أميركا تبلغ 350 مليار دولار، بحسب المجلس الأميركي لصناعة الأزياء، فهل يعقل أن تصل إلى هذا الحد من دون حقوق ملكية؟

وعليه فإن قضايا التشهير من الممكن التعامل معها من خلال محكمة متخصصة، أما الأهم فهو الحفاظ على الملكية الفكرية لخلق فرص العمل، وحماية الإبداع وجعله مجزيا، ومحفزا.

[email protected]