النزوح

TT

فرويد نفى وجود شيء اسمه الصدفة. وأبو عمار كان يقول السياسة ليس فيها صدف. والنزوح الكبير في موغاديشو مثل النزوح في سوات ومثل فتح جبهة الانفصال في اليمن. لا صدف.

جميعها محاولات لإنهاك الأنظمة التي لم تعرف كيف تحصن نفسها. ولا نعرف إلى ماذا سوف تؤدي 17 مليار دولار جمعها باراك أوباما لباكستان. هل ستذهب كما ذهبت المليارات السابقة أم لا؟ ولا أحد منا يعرف لماذا عدنا نسمع أسماء الضالع ولحج مثل أيام السلاطين. ولا نعرف كيف أن المنطقة التي كانت أول دولة شيوعية حمراء في العالم العربي تريد الآن أن تصبح أول دولة لـ«القاعدة». فماذا حدث لكتب ماركس والنشيد الأممي والآلاف الذين ذهبوا في القتال على «كوبا» للبحر الأحمر؟ ولا نعرف أين ذهب الرفاق في موغاديشو، ولا لماذا أصبحت القرصنة هي حرب المساكين الجدد كما يسميها القذافي.

الذي نعرفه أن أخطر ما يواجه العالم الآن هو تهالك الأنظمة التي كانت ملهية بنفسها تحصن وضع الأب وتعد لرفع الابن. أو يأتي الصهر ويخلف عندما يفجر القتل العائلة برمتها كما في باكستان. وربما كانت شبه القارة الهندية تواجه خطرا أعظم بكثير من الذي عرفته بعيد الاستقلال: الدولة مهددة في سريلانكا، والسلاح النووي مهدد في إسلام آباد، والقوة النووية في أشد حالات الاستنفار في الهند. وما من أحد يريد أن يتخيل السيناريو الذي كان بيل كلينتون يقول إنه أكثر ما يقض مضجعه.

وليس في إمكاننا أن نفاضل بين الخطر والأكثر خطرا. لكن الأكثر إلحاحا هو إنقاذ وحدة اليمن والحؤول دون حرب أهلية جديدة. لا شيء يبرر الحرب الأهلية وسهولة سفك الدماء والعودة إلى بحورها ببساطة، مرة باسم الإلحاد ومرة باسم الدين.

المآخذ كثيرة على نظام العقيد علي عبد الله صالح. وقد كنا ضده في فرض الوحدة بالقوة. والآن نحن ضد من يحاول فضها بالقوة أو بغيرها. هذه ساعة المصالحة الحقيقية والمصارحة الكبرى في اليمن. ساعة أن ينسى المنتصر لذة الانتصار والخاسر مرارة الخسارة. ساعة أن يلتقي حكماء اليمن حول بلدهم بلا ضغينة وبلا ثارات في ظل الحكم الوحدوي. وليس من خلل وطني لا يمكن إصلاحه بالهدوء. فليجرب اليمن عصر السعادة مرة أخرى.