إنجاز للكويت

TT

الانتصار الذي حققته المرأة في الانتخابات البرلمانية الكويتية بإدخال 4 عضوات دفعة واحدة إلى المجلس بعد سنوات قليلة من حصول المرأة على حقها السياسي، إنجاز بكل معاني الكلمة للتجربة الديمقراطية هناك, ومؤشر معهم على تطور الوعي السياسي لدى الناخب هناك.

والمؤشر الأهم بكل المقاييس هو الدور الذي يمكن يلعبه الشباب المسلحون بأفكار جديدة، الذين شكلوا الماكينة الدعائية والانتخابية لعدد من المرشحات في دفع العملية السياسية إلى الأمام, والإسهام في تطوير مجتمعاتهم, وهو ما يعطي جرعة تفاؤل عالية بالمستقبل, وسط أجواء التشاؤم المرضية التي يحاول البعض نشرها في كل المنطقة.

وكلمة «إنجاز» مستحقة في الحالة الكويتية لعدة أسباب، أولها أنها المرة الأولى، وثانيا لأنها في مجتمع محافظ توجد فيه تيارات قوية ترفض فكرة المشاركة السياسية للمرأة, وثالثا لأن حصة 4 نائبات من بين 50 عضوا حصة محترمة كبداية, ورابعا لأن الفوز جاء في منافسة مفتوحة مع الرجال وبنسب عالية ودون قوانين تعطي المرأة حصة معينة لتمكينها من دخول المجلس.

والمؤكد أن مهمة النائبات الجدد لن تكون سهلة, لأن العين ستكون عليهن, وسيكون هناك هدف لكثيرين في إثبات فشل التجربة حتى لا تتكرر, وبالتالي فإن التحدي الملقى على جيل الرائدات من النائبات إن جاز التعبير، سيكون كبيرا في إثبات قدرة المرأة على المشاركة السياسية, وتسهيل الطريق أمام استمرار المسيرة في انتخابات المستقبل, والمشاركة الدائمة للمرأة فيها، بحيث تكون هذه المشاركة جزءا من الوعي العام للمجتمع.

وإذا خرجنا من موضوع المرأة فإن هذه الانتخابات التي جاءت بعد أزمة سياسية جرى فيها حل البرلمان غيرت وعززت تمثيل تيارات معينة وقلصت أخرى, وجاءت وجوه جديدة وبقيت وجوه قديمة, لكن حل الأزمة السياسية التي كانت متمثلة في حالة التراشق الدائم بين البرلمان والحكومة لا يزال محل تساؤل في ضوء تجارب سابقة.

فهذه ثالث انتخابات مبكرة خلال 3 سنوات, كانت فيها حالة احتقان دائمة وشد وجذب بين الحكومات والوزراء والبرلمانات المتعاقبة, وكانت الاستجوابات البرلمانية دائما هي قمة الأزمة, وهذا في جانب منه دليل على حيوية ديمقراطية وبرلمانية, لكنه في الجانب الآخر السلبي منه يعكس عدم استقرار وتعطيل لقوانين وتشريعات ضرورية للبلاد. ولا بد أن المتابع من الخارج لمسلسل التأزيم والاستجوابات خلال السنوات الماضية كانت تصيبه الحيرة من هذه المواجهات التي لا تنتهي والتي كانت في بعض الأحيان تتعلق بقضايا صغيرة مثل مهرجان فني أو غنائي يجب أن يكون مجال مناقشته بلدية أو سلطة محلية.

وقد يكون البرلمان الجديد فرصة للتفكير في صفحة جديدة في تنظيم العمل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتفادي سيناريوهات التأزيم التي قادت عدة مرات إلى شلل سياسي وانتخابات مبكرة. ومن المؤكد أنه يمكن الوصول إلى صيغة تحافظ على سلطات وقوة كل من السلطتين ومراقبة البرلمان لأداء الحكومة بشكل فعال مع المحافظة على الاستمرارية والاستقرار اللازم لمناقشة التشريعات والقوانين والإجراءات الواجب اتخاذها وعلى رأسها قضية تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية.