هل انتهى الحوار الإيراني ـ الأميركي؟

TT

أمهل الرئيس الأميركي أوباما الإيرانيين حتى نهاية العام للبت في جديتهم حول محادثات الملف النووي، أي 6 أشهر، مؤكدا أن الحديث مع إيران «لن يكون إلى ما لا نهاية»، ولوح بتشديد العقوبات ضد طهران.

وهذا أمر مطابق لما أشرت إليه الشهر الماضي، في 19 أبريل، في مقالي تحت عنوان «وقف الاستيطان مقابل وقف إيران» حيث قال لي مصدر أميركي حينها إن واشنطن «تريد قرابة ستة أشهر لإعطاء الحوار مع إيران فرصة كافية».

وهذا ما حدث بالفعل اليوم، والسؤال الآن هل انتهى الحوار الأميركي ـ الإيراني قبل أن يبدأ، خصوصا أن لغة أوباما إزاء إيران قد اختلفت، فهو يتحدث الآن عن وقت محدد، وتشديد عقوبات؟

لمعرفة ذلك لا بد أن ننظر إلى عدة عوامل، فنحن أمام انتخابات إيرانية ستجري في 12 يونيو القادم، وفي حال فوز رئيس جديد، فسيكون أمامه شهران إلى ثلاثة في معركة صراع القوى الداخلي. أما في حال فوز نجاد فإن شيئا لن يتغير. وهنا قد يقول قائل إن من يحدد سياسات إيران تجاه أميركا هو المرشد لا الرئيس، وفي هذه الحالة فإن هجوم خامنئي يوم أمس على أميركا يمثل خير دليل على أنه ضد الحوار.

صحيح أن هناك مؤشرات على ليونة إيرانية تجاه واشنطن مثل إطلاق سراح الصحافية الأميركية، كما أن هناك حراكا إيرانيا لتعزيز القدرة التفاوضية، مثل محاولة الجمع الفاشلة بين قادة أفغانستان وباكستان. لكن تظل القضية الجوهرية هي الملف النووي، وما بوسع إيران تقديمه من تنازلات، مقابل ما ستحصل عليه من أميركا، خصوصا أن واشنطن أكدت مرارا أن لا تفاوض على حساب المنطقة.

وهنا يجب أن لا نغفل عاملا مهما في معرفة مصير الحوار الأميركي ـ الإيراني قبل أن يبدأ، وهو العامل الإسرائيلي، فتل أبيب ترى المشروع النووي الإيراني تهديدا لوجودها، وتتعامل معه كخط أحمر. ولذا فلا غرابة أن أوباما حدد للمرة الأولى سقفا زمنيا مع الإيرانيين بعد لقائه نتنياهو، ويبدو أننا فعلا أمام معادلة «وقف الاستيطان مقابل وقف إيران»، فواشنطن مشغولة بعملية السلام، وإسرائيل مشغولة بإيران.

والأهم أن أوباما قال علنا إنه يعتقد أن النجاح في عملية السلام سيحد من خطورة مشروع إيران النووي، وهذا حديث له مدلولات بالغة الأهمية، والسؤال هنا هل وقعت طهران في فم المقص المفتوح؟

فإيران خططت لأن تستغل القضية الفلسطينية تفاوضيا مع أميركا، مع تحقيق مشروعية بمنطقتنا، وبالتالي فقد أصبح حبل القضية ملتفا على رقبة الإيرانيين، لأن التنازل يكشفها عربيا، مثل ما حدث في قضية الصحافية الأميركية، بينما التشدد يضعها أمام خطر مواجهة الغرب.

ولذا فإن اللعب الآن بات على المكشوف، فمن الجائز القول إن الحوار إن قدر له أن يولد فسيكون مشوها. وأطرف ما سمعته هو ما قاله لي أحدهم عن عبارة يتداولها الأميركيون حول إيران وهي: «إذا أردت إرباك الإيرانيين ما عليك إلا أن تقول لهم الحقيقة»!

ويبدو أن الحقيقة هي التي ستنهي فرص الحوار الأميركي ـ الإيراني.

[email protected]