ما هي مشكلة عباس؟

TT

هناك حملة منظمة ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقوم بها وسائل إعلام إيران، وحلفاؤها، وعملاؤها بالمنطقة، الهدف منها إظهار أبو مازن على أنه ضعيف. وتشتد الحملة على خلفية مؤتمر «فتح»، وتشكيل الحكومة الفلسطينية. فما هي الآلية التي يقيم بها عباس؟

تحاول تلك الحملات إظهار ضعف أبو مازن من خلال مقارنته بحماس، وهذا أمر مجحف. فما هو مشروع حماس الوطني؟ وما الذي حققته الحركة منذ فوزها بالانتخابات، وانقلابها المسلح على السلطة؟

بالطبع لا شيء، سوى شرذمة القضية، ومنحها لإيران، وتعميق معاناة أهل غزة. فقد خاضت حماس الانتخابات الفلسطينية وهي تعلم سلفا أنها نتيجة أوسلو، فإذا كانت الحركة ترفض أوسلو فلماذا قبلت بالانتخابات؟

ومن الظلم أصلا مقارنة عباس بمشعل، فالفارق كبير، إذ أن أبو مازن يقود مشروعا وطنيا سلميا، لم يستخدم فيه السلاح ضد أبناء وطنه، حتى يوم خططت حماس لاغتياله، وكذلك يوم قامت حماس بانقلابها المسلح بغزة. بل ما يزال يتواصل معهم، بحثا عن الوحدة، وحلم الدولة، بينما حماس تقول لأميركا «خاطبونا».

وهاهي حماس توقف صواريخها التنكية بعد ثبوت عدم جدواها، إلا من حيث التنكيل بأهل غزة، وتعزيز قوة مشعل. ولذلك فإن استخدام السلاح ضد الفلسطينيين أمر لا يفعله عباس.

أمر آخر ومهم وهو أن حماس تجد دعما ماديا ومسلحا من إيران وحلفائها، وبعضهم خليجيون، كما تحظى بغطاء وتنسيق سوري، وهذا ما جعل مشعل ملكا متوجا لا يجرؤ أحد من حماس على مناكفته، لأنه يعي العواقب حتما. وأبو مازن لا يقمع، ولا يبحث عن غطاء دولي لقمع خصومه.

أما قضية المؤتمر الحركي لفتح، فإنها توجب الوقوف مع أبو مازن لا تركه وحيدا، خصوصا أن البعض يقول إن أبو مازن لم يكن في حاجة لإشعال تلك المعركة الآن! لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن عباس «أمام نارين» كما قال لي أحد المطلعين.

حركة فتح هي حزب الشعب الفلسطيني، ينضوي تحتها كل من هو غير منتم لآيديولوجيا، والحركة تحتاج إلى أطر لاستيعابهم، فأطرها أصغر كثيرا من حجم فتح. الطريف أن بعض المحسوبين على جيل الشباب في فتح قد شارفوا على سن التقاعد خلال الأشهر القادمة، بينما ما يزال بعض القيادات التي انتخبت قبل عشرين عاما في مواقعهم.

ولذا فإن أبو مازن يخوض اليوم معركة الجيل القديم مع الجيل الجديد، وليس لتصفية الحسابات، بل تحديثها لكي تكون فتح قادرة على مواكبة الحراك الجاري حولها.

يقول لي أحد أعضاء الحركة «العالم يتحدث عن أوباما واستخدامه للبلاكبيري، بينما كثير من الأشخاص باللجان المركزية لفتح لا يعرفون استخدام الجوال»!

فهل نريد من عباس استكمال مشروع البناء الوطني الفلسطيني، وبناء علاقات مع العالم، لمصلحة القضية، أم نطالبه باتباع أسلوب حماس، وقمع مخالفيه ليقال إنه قوي؟

مشكلة أبو مازن الحقيقية أنه رجل دولة محترم، في منطقة ما يزال ينتعش فيها مفهوم تقدير البلطجيين!

[email protected]