حديث القوة العسكرية (2 ـ 3)

TT

في حديثه لـ«الشرق الأوسط» رد الامير سلطان بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران، على سؤال حول وجود القوات الاجنبية في مياه الخليج، فذكر أن المياه التي تربض فيها دولية مفتوحة لمن يريد ان يبحر فيها مثل كل خلجان العالم وبحاره. وهذه معلومة قانونية تتجاهلها الدعاية السياسية في منطقتنا اليوم، مقترحة ان تتعاون الدول المطلة على الخليج، وهي ثمانية على ضمان أمن بحيرتهم واقصاء القوات الاجنبية! ومع ان التعاون على الأمن مشروع جميل، فهو ايضا جملة غامضة قد توحي بتكليف الذئب بالحماية، وحتى لو عشنا زمنا مثاليا يحب فيه الخليجيون بعضهم البعض عربا وعجما، فانه لا يمنحنا حق اقصاء اي سفينة تبحر في مياه دولية مثل مياه الخليج. وها هي الغواصات والبارجات الاميركية تبحر بمحاذاة سواحل دول كبرى مثل روسيا والصين، كما اظهرتها حادثة طائرة التجسس الاخيرة.

والشق الآخر الذي تحدث عنه الامير سلطان ولم يعلن من قبل بهذه الصراحة، هو التفريق بين الرقابة الجوية الدولية والقصف الجوي على العراق. في حديثه كشف عن ان الرقابة، التي قبل بها العراق في مؤتمر صفوان ووقع عليها، هي التي منعت معركة كان يمكن ان تحدث لولا ان المعلومات الرقابية افادت في منعها. اقر الامير سلطان بأن هناك طائرات عسكرية دولية تقلع من مطارات السعودية ضمن مهمة المراقبة الجوية التي تراقب لخطوط ما دون الـ33، اي جنوب العراق. هذه مهمتها تراقب حركة القوات العراقية وتحذر من تحركاتها ونشاطاتها المشبوهة في تلك المنطقة المجاورة للكويت والسعودية. اما القصف الجوي فلا يخرج من اراضي السعودية، والولايات المتحدة تستطيع عملياتيا تنفيذه ان شاءت من أي من قواعدها المنتشرة في العالم او حاملات طائراتها الرابضة في مياه الخليج. فهي في مثل هذه العمليات المحدودة ليست في حاجة لاستخدام مطارات المنطقة او مساعداتها اللوجستية. اما لماذا تردده الحكومة العراقية متهمة السعودية والكويت، فلأنها تعتقد ان ذلك سيحرج الدولتين، لكننا نعلم عن تجربة ان رهان العراق على «البروبغندا» فاشل بدليل ان العالم العربي ينسى كل القصة بعد اسبوع من كل حادثة. وبالتالي الاعتماد على مبدأ ترويج الدعاية واحراج الدول شعبيا تأثيره مؤقت ومحدود. وما قاله الامير في هذا الشأن اثبته تاريخ الصراع، فقد كان للعراق ان يتجنب الحرب لو سمع نصيحة جيرانه بالانسحاب آنذاك، وكان بامكانه ان يقصر عمر مأساته لو استمع لدعواتهم له بالتعاون وانهاء مشكلة الحظر بدلا من المماطلة مع الامم المتحدة وادعاء البطولات التي كلفته احد عشر عاما من الحصار المدمر.