الأمهات العاملات في البيت الأبيض

TT

هذا العام، أكتب مقالا عن عيد الأم في وقت باكر، وهو ليس تحديدا ما أردت.

المقال الذي كنت أخطط له بدأ بسؤال: لماذا يختلف عيد الأم خلال العام الحالي عن جميع أعياد الأم التي سبقت؟ الإجابة: لأنه خلال عيد الأم العام الحالي يوجد الكثير من الأمهات في البيت الأبيض، أمهات لديهن أطفال صغار، أكثر من أي عام سبق.

ويبقى ذلك حقيقة. فنائبة رئيس طاقم البيت الأبيض منى سوتفن لديها طفل يبلغ من العمر أربعة أعوام ونصفا، وآخر يبلغ قرابة العامين، ولدى مارن ليفين، رئيسة طاقم مدير المجلس القومي للاقتصاد لاري سومرز، طفل يبلغ من العمر ثلاثة أعوام ونصفا وآخر عمره سبعة أشهر، أما قيصر الرعاية الصحية نانسي آن مين دي بارل فلديها ولدان في التاسعة والثامنة، ولسكرتيرة الطاقم ليزا براون طفل يبلغ من العمر ستة أعوام، أما جاكي نوريس رئيسة طاقم ميتشل أوباما، فلديها توأمان في الخامسة وطفل في الثالثة، ولمستشارة نائب الرئيس بايدن للسياسات الداخلية تيريل ماك سويني طفل عنده 14 شهرا، وللمستشارة القانونية لبايدن سينثيا هوغان طفلان في الثانية عشرة والتاسعة.

ويعد هذا تغيرا كبيرا عن شكل البيت الأبيض في السابق، سواء كان الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا. وقد توضح فرضيتان هذا الوضع:

أولا: في ما يتعلق بالأمهات اللائي لديهن أطفال صغار، فثمة تحول في الأجيال. يميل الأزواج الذين هم في الثلاثينيات بدرجة أكبر إلى إجراء تعديلات في طبيعة عملهم مقارنة بنظرائهم الذين هم في الأربعينيات أو الخمسينيات. ولدى الأمهات اللائي هن في الثلاثينيات خبرة أكبر في العيش كأم عاملة أكثر من نساء الأجيال الأسبق.

ثانيا: مكان العمل، فحتى بالنسبة إلى بيئة العمل في البيت الأبيض فهي أكثر مرونة إلى حد ما. والآباء، حتى الآباء العاملين في البيت الأبيض، أكثر مشاركة مما كانوا معتادين عليه، وأكثر اطلاعا، بفضل زوجاتهم العاملات على الرغم من الصعوبة التي يتضمنها ذلك. وعندما عرضتُ على سوتفن منصب نائبة رئيس الطاقم، قالت لي: «كان رد الفعل الأولي لي هو (ما هو تأثير ذلك على العائلة؟)»، فزوجها مدير سياسي للجنة القومية بالحزب الديمقراطي، وهي ليست بالوظيفة ذات الضغوط الأقل. وكان رد الزوج: «بالطبع عليك أن تتقلدي هذه الوظيفة، سوف نبحث ذلك، سأقوم ببعض التعديلات».

وعندما اكتشف الرئيس والسيدة الأولى أنه لم تكن هناك أجهزة كومبيوتر محمول في البيت الأبيض، طلبا المزيد، ولذا لن يكون على الطاقم أن يبقى مقيدا في مكاتبه. ويُعرف عن رئيس الطاقم رام إيمانويل أنه ينهي اجتماع الأعضاء الكبار في الطاقم مبكرا ليقوم بمراجعة الواجبات المدرسية مع أطفاله (في الثامنة والعاشرة والثانية عشرة) قبل أن ينطلقوا إلى المدرسة. وتحدث السكرتير الصحافي روبرت غيبس من فوق المنصة عن قيامه بصنع ساندويتشات الفول السوداني والزبد لابنه، الذي يبلغ قرابة 6 أعوام. وتعمل هوغان، المستشارة القانونية لبايدن، بنسبة 80 في المائة، وهو أمر غريب بالنسبة إلى ساعات البيت الأبيض، ولكن يتيح ذلك لها الرحيل بعد الظهيرة كي تتناول الغداء مع العائلة، وبعد ذلك تعمل، أغلب الليالي، من المنزل.

وتقول هوغان، عن نائب الرئيس الذي يعرف الضغوط التي تكون على الآباء العاملين: «يعني ذلك أنه في بعض الأحيان يلتقط سماعة الهاتف ويريد التحدث إليّ ولا أكون هناك، ولا مشكلات لديه في ذلك، ولذا فإنه يصل إلى عن طريق التلفون الجوال».

ومما كدر صفو خططي لمقال متفائل، ودفعني إلى كتابته الآن، الإعلان أخيرا عن أن مديرة الاتصالات في البيت الأبيض إلين موران سوف ترحل لتكون رئيس طاقم وزير التجارة غاري لوك، وهو منصب أقل كثيرا من ناحية الضغوط مقارنة بالانشغال على مدار الساعة في ويست وينغ.

ويشير رحيل موران إلى حقيقة ثابتة، وهي أن البيت الأبيض صديق العائلة هو عبارة عن تجميع لفظتين متناقضتين معا. وكما قال إيمانويل، فإن «العائلة الوحيدة التي يكون وضعنا جيدا بالنسبة إليها هي العائلة الأولى». وقال غيبس، في توضيحه لرحيل موران: «رأيت ابني الليلة الماضية عندما استيقظت في الحادية عشرة مساء يبحث عن المزيد من الحليب، ولذا كان هذا هو الوقت الوحيد الذي رأيته فيه أمس».

ولكن تبقى حقيقة أن هذه الضغوط تكون أكثر على النساء منها على الرجال، وأن زيادة عدد الأمهات في هذا البيت الأبيض لا تزال تجربة دون نتيجة مؤكدة. قالت لي براون سكرتيرة الطاقم: «نحن في البداية، ولذا لم تتضح بعد المدة التي سوف نبقى فيها نقوم بذلك». عائلة أوباما «تريد أن ينجح ذلك ونحن نريد أن ينجح ذلك، ولكنه أمر صعب».

تحدثنا بعد التاسعة مساء بمجرد أن وضعت ابنها في السرير وقبل أن تجلس لتناول غدائها أخيرا.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»