نصف ساعة من الغناء الوطني

TT

«قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر»، هذا مثل كنا نسمعه من الآباء والأمهات من أول ما عرفنا ما هي الأمثال.

وهو مثل صحيح في أغلب الأحيان، فعاطفة الأبوة والأمومة راسخة ومتواصلة في «الجينات» البشرية إلى أن تقوم الساعة، إلا في الحالات النادرة المصابة بمرض نفسي أو جنون عقلي.

فتجد أبا يسير مع ابنه في يوم شتائي، ويرى ابنه وقد فتح أزرار قميصه، فينبهه لا شعوريا أن يغلقها خوفا عليه من البرد، رغم أن الابن أشد وأصح من أبيه بعدة مراحل.

وأذكر يوما عندما كنت خارجا فيه من صالة سينمائية، وكانت تسير أمامي سيدة عجوز بجانب ابنها الضخم المفتول العضلات متجهين إلى سيارتهما، وإذا بي أسمع الأم تقول لابنها: ألا تريد أن تذهب إلى الحمام يا حبيبي؟!

ومعها الحق لو سألته، فغريزة الأمومة هي التي حركتها لتخاف على ابنها «الشحط» من أن يكون «محصورا»، فهو ما زال في نظرها طفلا صغيرا.

* * *

في اختبارات طبية ميدانية أُجريت على شريحة كبيرة من الناس تراوحت أعمارهم من 28 إلى 75 عاما من مختلف المهن، تمّت مقارنتهم مع بعض المغنين، فأظهرت الدراسة أو النتائج أن عضلات الصدر وقدرة دفع القلب للدم هي أقوى لدى المغنين، رغم أن بعض هؤلاء من المدخنين والمحبذين لشرب المرطبات، بل إن بعضهم لم يقم بأي نشاط رياضي، ولكنهم حافظوا على تنفس عميق يُدخِل كميات كبيرة من الهواء للرئتين، وتعمل قلوبهم بفاعلية أكبر.

وهم ينصحون كل إنسان سواء كان رجلا أم امرأة، أن يغني كل يوم ما لا يقل عن نصف ساعة بشكل متواصل، وليس شرطا أن يكون مصاحبا لذلك الغناء موسيقى، فيكفي الطبلة، أو حتى من دونها، إذا وجد هناك أحد حرجا في ذلك، فمن الممكن أن ينشد المتحرج أناشيد إسلامية مثلا.

بالنسبة إليّ فقد اقتنعت بهذه الدراسة، وبدأت بتطبيقها منذ عدة أشهر، وشعرت بعدها ولله الحمد تحسنا في تنفسي، وطاقة خلاقة في تحركاتي.

وكل الأغنيات التي أؤديها هي من النوع الحماسي والوطني، الشيء الوحيد الذي يضايقني أن أهل بيتي بدأوا يتأذون من هذه النصف ساعة التي أمارس فيها نشاطي.

* * *

قال لي وهو مذهول: تصور أنني بعد أن عدت مساء إلى المنزل مع زوجتي بعد زيارتنا لأحد المعارف قالت لي والحبور يكسو وجهها: لقد استمتعت حقا بزيارة عائلة فلان؛ لقد كان منزلهم في حالة فوضى شاملة.

قلت له: لا تذهل ولا تحزن، فالمرأة لا تسعد أكثر من رؤيتها لامرأة أقل جمالا منها، أو امرأة أكثر بشاعة منها، وما المنزل الذي تحدثت زوجتك عنه، ما هو إلا مثل على ذلك.

[email protected]