.. ترجمها وتوكل!

TT

أثناء رحلتي حول العالم (228 يوما) من خمسين عاما، صادفت أشياء اخترعت لها ترجمة.. فقلت في اليابان بيوت للشاي ولا يشربون القهوة. وكما نصف مكان القهوة بأنه مقهى فلماذا لا نصف بيت الشاي بأنه مشهى. والكافيتيريا – المكونة من القهوة والشاي، فيمكن أن نسميها: القهوة شاي. أو القهوشيه..

ولاحظت أن بعض الصيدليات في أميركا تبيع الأحذية. فقلت لماذا لا نسميها: الأحذاخانة؟

وبعثت بهذه الكلمات إلى المجمع اللغوي. ولم يشأ المجمع اللغوي أن يرد بالنص أو القبول: فالسكوت علامة الرضا. ولكن المجلس رد بأنه لم يوافق على هذه الكلمات. فقلت: وإيه يعني، نحن نترجم وننشر على أوسع نطاق، ولا يقوى المجمع على مقاومة انتشار الكلمات التي ينحتها الكُتّاب وتنتشر قبل أن يدرك المجمع هذا الخطأ الشائع.

ولما كتب الشاعر كامل الشناوي أن المجمع قد ترجم كلمة (سندوتش) بأنه: شاطر ومشطور وبينهما طازج، أصدر المجلس بيانا ينفي ذلك؟ وفات المجلس أن يضحك لهذا التعريف الذي ابتدعه كامل الشناوي الكاتب الساخر والشاعر الرومانسي البديع.

وعندما كنت طالبا كان يدرس لي (علم الجمال) أستاذنا منصور باشا فهمي. فقد كنت طالب الامتياز الوحيد في قسم الفلسفة.. ولما وجدت الباشا خالي الذهن تماما عن فلسفة الجمال، ترجمت كتابا صغيرا اسمه (الخلاصة في علم الجمال) ـ ولم أنشره. وإنما ترجمه مرة أخرى ونشره مفكران زميلان من سورية هما: سامي الدوربي وبديع الكمم.

واختلفت مع الباشا في ترجمة كلمة واحدة ومشتقاتها فرأى أن نبعث بخطاب إلى المجمع أستطلع رأيه في هذا الاجتهاد. ولم أتلق من المجلس ردا من خمسين عاما. أما سؤالي فكان: كيف نترجم كلمة (فردي) وانفرادي وتفردي وإفرادي وفرداني والفردية والمذهب الفردي.. الخ.

فلا المجلس رد.. ولا أنا سألت. ولا يهم. فقد نشرت المعنى الذي أردت. فإذا قرر المجلس أن يرد بأن هذه الترجمة غير دقيقة لأي سبب. تكون الترجمة التي تنشرها الصحف أقوى وأعتى. ونؤكد عجز المجمع اللغوي عن متابعة عمليات النحت اللغوي السريع الذي تحرص عليه الصحافة كل يوم!

وأصبح شعارنا: ترجمها وتوكل!