الشباب السعودي والإرهاب.. إلى متى؟

TT

قبل أيام ألقي القبض على شباب سعوديين في باكستان وهم في طريقهم للانضمام إلى «القاعدة»، وعرضت التلفزيونات صورهم وهم في هيئة رثة، وقام جلهم بتعريف أنفسهم والمدن التي يسكنونها في السعودية.

وبالطبع فإننا اليوم أمام أسئلة تتكرر منذ أحداث 11 سبتمبر الإرهابية في أميركا: من المسؤول عن زف شبابنا إلى المهالك؟ من المسؤول عن تشويه سمعة المواطن السعودي في كل مكان؟ ومن هو حمال الحطب في الداخل السعودي؟

أقول، عن قناعة، إن الحكومة السعودية قامت، وتقوم، بجهد جبار حتى باتت نموذجا أمنيا في مكافحة الإرهاب وبشهادة دولية. لكن هل هذا كاف؟ الإجابة بكل بساطة: لا! فما تزال الحرب الفكرية في السعودية على غير المستوى المأمول، على الرغم من أن الإعلام السعودي بات شرسا ضد التطرف والمتطرفين، وهناك نفور في المجتمع من «القاعدة» والتكفيريين، ومن يروج لهم، لكن ما زلنا نرى شبابنا الصغار يزفون إلى المهالك!

أحد الذين ألقي القبض عليهم في باكستان تعرف عليه أهله من شاشات التلفاز، وقال شقيقه لصحيفة «الوطن» السعودية إنهم فقدوا الاتصال به منذ 9 أشهر، وعلموا بعد تحرٍ أنه غادر السعودية برا إلى دولة خليجية، ومنها إلى إيران، وانتهى به المطاف في باكستان.

وقبل أيام قرأنا التقرير الذي أعده زميلنا معد فياض من داخل سجن سوسة وكشف أن هناك قرابة 48 سجينا سعوديا بكردستان العراق، تقول السلطات هناك إنهم دخلوا إلى العراق من الأراضي السورية.

فهل علينا أن نلوم السوريين والإيرانيين، وغيرهم؟ لا أعتقد! الأولى أن نلوم أنفسنا بالسعودية أولا، ونتساءل لماذا لا يكون لدينا جهد فكري على مستوى التعليم، ورجال الدين، وهم الأهم، لحماية شبابنا وإبعادهم عن تلك المهالك؟

صحيح أن هناك دولا تستغل شبابنا، وتسهل لهم الجوازات المزورة، وهذا أمر أكيد، وما كل ما يعلم يقال، كما أن هناك دولا تمولهم ماليا، لكن ذلك شيء، واجتثاث منابع التحريض بالداخل شيء آخر.

المهم، بل الأهم، اليوم هو تعقب المحرضين في الداخل السعودي، والقيام بعمل فكري يوازي الجهد الأمني المبذول، ويكون على غرار الحوار الوطني الذي تم بالسعودية على مدى سنوات، ويكون موضوعه الرئيسي هو فقط مناقشة أسباب التطرف، والتغرير بشبابنا.

حوار ليس للاستعراض، أو الشهرة، أو التراشق، بل حوار يشارك فيه الجميع، من دون تحديد فئة عن فئة، أو ذوي علم عن ذوي علم، ولا بد من الحديث صراحة عن أسباب الزج بشبابنا إلى التهلكة، بدراسات وأرقام، فلا يجوز أن تذهب كل الجهود المبذولة من الدولة سدى، خصوصا وقد شهدت السعودية وعلى مدى السنوات الخمس الماضية حراكا كبيرا ومفيدا، على كافة المستويات، استبشر به الجميع، ناهيك عن جهد أمني جبار بذل ويبذل.

لكن، ولنكن صادقين مع أنفسنا، فالجهد الديني والفكري في السعودية لا بد أن يتضاعف من أجل حماية هؤلاء الشباب من الأشرار الذين يحرضونهم، وحماية الشباب أيضا من أنفسهم، وقبل هذا وذاك حماية السعودية، وهي الأهم.

[email protected]