حماس عقلانية!

TT

صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بعد لقائه في دمشق زعيم حركة حماس خالد مشعل بأنه قد لمس «أن موقف حركة حماس وتقييمها للوضع أصبحا أكثر واقعية»، وأكد في الوقت نفسه ضرورة الحفاظ على الهدوء الحالي في غزة. وهذا يعني أن الوزير الروسي يأمل في أن تستمر حماس في وقف إطلاق الصواريخ من غزة، وترسيخ الهدوء الذي تشهده غزة منذ فترة ليست بالقصيرة.

فهل حديث المسؤول الروسي مفاجئ لنا؟ بالطبع لا! فما زلنا نتذكر حديث خالد مشعل الأخير مع صحيفة «نيويورك تايمز» الذي قال فيه إن حماس أصدرت أوامرها بوقف إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، وإن الحركة قادرة على ضبط ذلك ليس على أفرادها وحسب، وإنما حتى على الجماعات الأخرى. وأوضح أن حماس تقوم الآن بعملية مراجعة لعمليات إطلاق الصواريخ، على اعتبار أن إطلاق الصواريخ هو وسيلة وليس هدفا بحد ذاته، وبحسب ما نقلته الصحيفة الأميركية عن مشعل فإن المهم هو خدمة الأهداف الفلسطينية!

هذه التصريحات التي صدرت عن مشعل في الصحيفة الأميركية بادر إلى نفيها مباشرة بعد نشرها، وقامت حماس بتوزيع نفيها على المواقع المحسوبة عليها بدلا من أن تتوجه للصحيفة الأميركية نفسها وتطالب بنفي الخبر.

لكن تصريح وزير الخارجية الروسي من دمشق يأتي ليؤكد مصداقية ما نقلته النيويورك تايمز عن خالد مشعل، وبالتالي فإن السؤال هنا يصبح هو: هل باتت حماس، وتحديدا زعيمها خالد مشعل، عقلانيين، أم أن الأمر كله مناورة؟

فهل أدركت حركة حماس فداحة ما ارتكبته بحق الفلسطينيين، وفي حق أهل غزة، أم أن كل ما تريده الحركة هو ضمان تعزيز موقعها كمرجعية، وأنها الطرف الذي على العالم أن يتحدث إليه، وليس السلطة الفلسطينية، خصوصا أن الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة أوباما بدأت تحركا كبيرا لدفع عجلة السلام في المنطقة، وهناك رغبة عربية في تفعيل عملية السلام، كما أن سورية المضيفة لمشعل لا تنفي رغبتها في تحريك مفاوضات السلام أيضا.

ولذا فإذا أراد الروس، وقبلهم الأميركيون، أو الأوروبيون، معرفة ما إذا كانت حماس عقلانية فعلا، وتقدر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه الفلسطينيين وقضيتهم، فعليهم أن لا يقيسوا ذلك بالكلام، أو وقف إطلاق الصواريخ. فالمحك الرئيسي هنا هو ما إذا كانت حماس صادقة وملتزمة، بإنجاح الحوار الفلسطيني – الفلسطيني، وإصلاح ما أسفر عنه انقلاب غزة الذي شرذم القضية الفلسطينية، وأضعف مفاوضيها. ما عدا ذلك لا يمكن وصفه إلا بالمناورة، والبحث عن تكريس السلطة. فإذا كانت حماس ترى أن المقاومة هي الخيار المشروع، ولا تؤمن بعملية السلام، ولا تريد الاعتراف بالاتفاقيات التي أبرمتها السلطة الفلسطينية، فإن السؤال هنا هو: على ماذا إذاً تريد حماس التفاوض؟

ما يريده الفلسطينيون، والعرب، هو قيام الدولة الفلسطينية، فإذا كانت حماس لا تريد الدولة الفلسطينية فلماذا لا تعلن ذلك؟ أما إذا كانت الحركة تريد فعلا قيام الدولة، فحينها يكون السؤال: على ماذا إذاً الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، وكل هذا الانقسام؟

[email protected]