حرب الرحابنة

TT

تدور على صفحات الجرائد اللبنانية حرب بيانات وبيانات مضادة بين أبناء منصور الرحباني وابنة شقيقه عاصي حول قضايا عائلية وشخصية وعامة. ومن قبيل السخف، التذكير بأن فيروز وعاصي ومنصور هم أعظم (مع التشديد على استخدام الكلمة) فنانين في تاريخ لبنان وتاريخ الفنانين اللبنانيين في مصر، حيث أسسوا المسرح ولمعوا في السينما وفي الغناء.

أي أن الثلاثة ليسوا أشخاصا عاديين تملكهم عائلاتهم وحدها. بل هم، كلٌّ في مواهبه ومكانته وعطائه، جزء من إرث لبنان ومن صورته ومن لمعانه. لكن الثلاثة بشر. ومثل جميع البشر، مروا في مراحل وفي مشاكل وفي مسائل، يمر بها معظم الناس، في شبابهم وفي كهولتهم وفي زيجاتهم وفي عشقهم وفي طلاقهم.

وإلى جانب أنهم بشر، الرحابنة فنانون. والفنان، في معظم البلدان، له حياة مختلفة أو خاصة. وقد حاول الثلاثة، منذ اللحظة الأولى، أي منذ لقاء فيروز (نهاد حداد) وعاصي ثم منذ زواجهما وبعد سطوع الثلاثي، أن يبقوا بعيدا عن التداول في الصحافة والإشاعات. نجحوا أحيانا وأخفقوا أحيانا. وكانت فيروز، بصورة خاصة، هي الصامتة والمختبئة. وفي السنوات الأخيرة عاشت حياة أشبه بالمتصوفين.

بعد وفاة منصور كتبت في «النهار» ما يمكن أن يُكتب في وداع عبقري من عباقرة الشعر واللحن والمسرح. وتلقيت رسائل من سيدات يبدو أنهن إما على محبة كبيرة لفيروز أو على صداقة قديمة معها، وبالتالي على معرفة بما تشكو من مظالم. وأخشى وأنا أقرأ هذه الرسائل، وما تنقله الصحف من بيانات، أن تطغى التفاصيل الصغيرة على سيرة ثلاثة من رموز الفن العربي الكبير. وقد انتقل الحديث عن فيروز والرحابنة من أنهم السفراء إلى النجوم إلى قضايا حقوقية وأجور غير عادلة وحقوق سائبة! ولم تعد هناك لغة مقبولة بين أبناء العم بل لغة مليئة بالمرارة والغضب والتحذير.

وأتمنى على الصحافة اللبنانية أن تترك هؤلاء العباقرة إلى هالتهم وسمعتهم وما تركوه وأعطوه من ذهب وماس. وأتمنى على أبناء عاصي ومنصور أن يحتكموا إلى مجموعة من أهل الثقة، أو إلى القضاء، أو إلى المحامين الذين يثقون بإخلاصهم لكل فريق. أما هذه المجادلات في الصحف فهي لا تشبه عاصي أو منصور ولا تشبه خصوصا نهاد حداد.