قرر أن يظلم الذين ظلموه!

TT

إلى عهد قريب جدا كنا نكتب في شهادة ميلاد الطفل اللقيط: أنه لقيط، وأننا وجدناه تحت سيارة نقل بالقرب من كوبري الزمالك. ويظل هذا العار يلاحق الطفل حتى الموت.. منتهى القسوة، فهذا الطفل ضحية، وليس مجرما..

حتى شكوت مما كان للوزير المصري طلعت حماد، إلى أن حقق أمل الملايين عشرات السنين؛ فتغيرت شهادة الميلاد. وكان لكل طفل أب وأم ومكان الميلاد، لأنه مواطن كأي مواطن، ولكنّ أباه وأمه في غاية السفالة.

وكذلك الطفل الذي فقد الطريق إلى البيت، لأنه صغير، ولا يعرف مَنْ هو أبوه، ولا مَنْ هي أمه، فلن يقال في شهادة الميلاد إنه لقيط، وإنما هو مواطن من الدرجة الأولى، له علينا حقوق.. تماما كما لنا كل الحقوق..

وكثير من عظماء التاريخ أبناء غير شرعيين، ولكن هذه الوصمة، أو هذه الصفة، لا يجدونها في شهادة الميلاد، من مثل:

المستشار الألماني فيلي برانت، والملك وليام الفاتح، والرئيس الأرجنتيني خوان نيرون، والفيلسوف الهولندي ارازموس، والأديب سترندبرج، والموسيقار العظيم فاجنر، والأديب الكسندر ديماس الابن، والرسام العظيم دافنشي، والرسام الإيطالي بوتشيلي، والفنانة صوفيا لورن. فالفنانة صوفيا لورن لم يعترف بها أبوها، إلا بعد أن أصبحت نجمة عالمية. طالبها بفلوس؛ فأعطته مزيدا من الفلوس؛ فاعترف بها، ولكنها كانت قد غيرت اسمها..

أعرف أديبا مصريا، رحمه الله، كلنا يعرف أنه لقيط، ولكنه موهبة. هذه الموهبة لم تشفع له عندما تقدم للزواج.. مع أننا جميعا نعرف أنه الضحية، وليس المجرم، ولكن أسرة المحبوبة رفضت.. فقد خشي أبو المحبوبة أن يتساءل الأحفاد عن الجدة، والجد، والخالة، والعم؛ فقرر الأديب أن يكون له أولاد لا يعترف بهم. وحاولنا معه، وفشلنا.. فقد قرر الانتقام من المجتمع الذي ظلمه، مع أن أطفاله ضحايا مثله!