حقاً.. إنني زعلان

TT

هناك قول مشكوك به يؤكد أن المهندسين هم أكثر الرجال ذكورة يليهم رجال الأعمال والمحامون، أما الطبيبات والممرضات ـ يا عيني عليهن ـ فهن أكثر الإناث ذكورة، وأكثرهن أنوثة هن الخيّاطات والسكرتيرات.

وهذا الكلام لا أشك به فقط، بل إنني أضرب به عرض الحائط ولا أبالي، لأنه لو كان صحيحا، أروح أنا فين؟!، بل إنني متأكد أن 90% من الرجال الذين يقرأون هذا المقال لا هم من المهندسين ولا رجال الأعمال ولا المحامين، وأغلبهم ولله الحمد ممتلئون بالفحولة (المتفتقة) والزائدة عن الحد القانوني.

وتأكيدا على منطقي هذا، فإنني أعرف مهندسا في منتهى المياعة و(المياصة) إلى درجة أننا نسميه (ولد أمه)، وهو لا يتحرج أبدا من هذه التسمية، بل إنه كلما سمعنا نناديه بهذا اللقب يزداد ضحكا وغنجا ودلالا، فأين ذهبت ذكورته التي يتحدثون عنها؟!، وبالمقابل أعرف إحدى السكرتيرات كلما دخلت أنا عليها خاطبتني بصوتها الأجش قائلة لي بجلافة: ماذا تريد؟!، وكأنها تتحداني بخوض مباراة معها في حلبة المصارعة الحرّة، فأين الأنوثة من مثل هذه البطلة الأولمبية، ولو أنني صغرت عقلي وورطت نفسي بتحديها، فمن يضمن لي أن أخرج سليما بدون أن أتهزأ أو اتمرمط، وساعتها (اللي ما شاف يتفرّج) ـ على الهواء مباشرة ـ.

الواقع أنني زعلت عندما قرأت تلك المقولة التي بدأت بها، وما زلت زعلانا.

فأين إذن يذهب الجزار والضابط ورجل الدين الورع مثلا، وفي أي خانة نحن نضع هؤلاء الرجال الأشاوس؟!.

وأين تذهب كذلك الطالبة الله يحرسها، (وست البيت) الله لا يأخذها، و(المانيكان) المسكينة، والفنانة الاستعراضية المحترمة، أين يذهبن من هذه التصنيفات الفجّة؟!.

لا تعتقدوا أن الموضوع لا يستحق كل هذا الزعل، وأرجوكم لا تطلبوا مني أن أهدأ، إنني والله (لهائج)، فالقضية هذه عندي هي أكثر أهمية من قضية الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وحتى من قضية الشرق الأوسط برمتها.

ومع احترامي لكل رجال الأعمال والمحامين، إلا أن فيهم الغث والسمين.

ومع محبتي لبعض الخياطات والسكرتيرات، إلا أن فيهن من تقصم الظهر علنا وبدون أن يرف لها رمش، مثل تلك السكرتيرة التي ذكرتها آنفا.. وغيرها كثيرات وكثيرات ـ واسألوني ـ بحكم تجاربي الفاشلة.

ولا أملك هنا إلا أن أطلب من ربي أن يهدئ من روعي ومن أعصابي قليلا، لكي أرى الحق حقا فأتبعه، وأن يريني الباطل باطلا فأطلق ساقي للريح هروبا، وأغني له على طريقة (شعبولا).

فقضية الذكورة والأنوثة هذه أقضت مضجعي حقا لعدة أيام، لهذا فجرت أنا اليوم أمامكم ما يعتمل في نفسي التعبانة وعلى رؤوس الأشهاد، ولو لم أفعل ذلك لعافت نفسي الأكل ـ خصوصا (الإسباكتي) ـ ولأضربت عن قراءة الغزل وسماع الأغاني، ولدخلت في مشكلة تعاقب عليها هيئة مكارم الأخلاق.

ولكن من حسن الحظ أن (الخوف) داخلني ـ وما أكثر ما يداخلني، ولو لا ذلك لقلت كلاما لا تحمد عقباه، ولذهبت لا في (خبر كان)، ولكن في (خرخر).

وآخر دعواي: أن الحمد لله رب العالمين.

[email protected]