ماذا سنفعل لو هاجمت إسرائيل إيران؟

TT

الإجابة التي تختصر كل شيء، أن لا أحد يستطيع فعل الكثير سوى الجلوس أمام شاشات التلفزيون ومشاهدة السماء الحمراء. طبعا هذا بالنسبة للمواطن التونسي أو الموريتاني مثلا، البعيد عن ميدان المعركة، لكن هناك مناطق اشتباك كبيرة ستكون مهددة بالتورط رغما عنها من قبل أحد الطرفين، في الخليج والعراق وفلسطين وربما وراء ذلك. إنما السؤال الأول هل تنوي إسرائيل فعلا مهاجمة إيران، أم أنها مجرد ثرثرة سياسية؟ أظن أنها تهديدات جادة هذه المرة أكثر من أي زمن مضى، ولا استبعد أن تقع الحرب بعد نهاية المهلة الأميركية الممنوحة للإيرانيين بالتوصل إلى حل سياسي للمشكل النووي، والتي يقال إنها تنتهي بنهاية العام.

الإسرائيليون يعتبرون امتلاك إيران قنبلة نووية مسألة حياة أو موت، وسيحاربونها بكل ما لديهم بغض النظر عن النتائج عليهم وعلى غيرهم. يعتقدون أن إيران قد تستخدم سلاحها النووي ضدها، بخلاف باكستان التي تملك اليوم ترسانة لأكثر من ستين سلاحا نوويا ولم تحتج ضدها إسرائيل. وليس مهما فقط معرفة النوايا الإسرائيلية بل أيضا فهم الموقف الأميركي الذي يزداد قبولا بهجوم عسكري على الأقل، لا حرب كبيرة، على إيران بعد أن صارت طهران قريبة جدا، كما يقال، من الحصول على وقود كاف لبناء سلاحها النووي.

وعودة إلى عنوان الموضوع، ما العمل؟

إن هاجمت إسرائيل إيران فإن هذا سيعني أن إيران ستضرب يمنة ويسرة، السفن الأميركية في الخليج، والمواقع النفطية الخليجية، والقواعد العسكرية الأميركية، وبالطبع سترسل سيلا من صواريخها إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، كما فعل صدام حسين في حرب تحرير الكويت.

والسبب، من وجهة نظري، أن إيران تعرف أنها لن تحدث نصرا عسكريا لأنها لا تملك القدرات الهجومية ولا الدفاعية التي تقيها شر الاعتداءات الإسرائيلية المدعومة أميركيا لكنها ستلجأ إلى إحداث ضرر في كل اتجاه حتى تعلن النصر الدعائي، كما فعل حزب الله في حرب الصيف مع إسرائيل، وفعلت حماس في حرب الشتاء. هنا لن يكون الكثير يمكن فعله إلا إذا تمادت إيران باستهداف الدول الخليجية بشكل مركز، من خلال خلاياها الإرهابية النائمة واستهداف المراكز الحيوية بالقصف الصاروخي. فعل متعمد ومستمر غالبا سيضطر هذه الدول إلى الانخراط في الحرب. وقد يعتقد البعض أن دول الخليج هدف إيراني محسوم بسبب قواعد أميركا العسكرية على أراضيها في قطر مثلا، وأساطيلها في موانئ مثل البحرين، واتفاقيات الحماية الصريحة مثل التي مع الكويت، وفوق هذا اتفاقية الدفاع المشترك بين دول الخليج نفسها التي تعني أن هجوما على عضو سيؤدي إلى حرب جماعية. الاحتمال الوحيد أن تبقى الحرب محدودة لو اكتفت إيران بالرد على إسرائيل، أمر أستبعده كثيرا. أما لماذا نتحدث اليوم عن الحرب لا عن السلام؟ لأننا لا نرى سوى اقتراب نهاية الحل السلمي المأمول الذي يحفظ لإيران حقها في الحصول على الطاقة النووية ويحمي المنطقة، لا إسرائيل فقط، من شرور امتلاكها السلاح النووي.

[email protected]