مفتاح السلام في الشرق الأوسط

TT

لا أخفي عن القراء قلقي على مصير الرئيس أوباما. إنه عازم على حل المشكلة الفلسطينية. وكل من حاول ذلك باء بالفشل. لا أتصور أنه سينجح في تحدي اللوبي الصهيوني في بلده. ولا أتصور اللوبي الصهيوني يستطيع أن يتحدى الأوامر الصادرة من حكومة نتنياهو. ولا يستطيع نتنياهو تحدي الأكثرية اليمينية في الكنيست.

مفتاح السلام ليس بيد أمريكا كما نتصور. ولا بيد العرب، ولا بيد نتنياهو. إنه بيد هذه الأكثرية الفاشية التي تسيطر على الكنيست والحكومة. فمن هي هذه الأكثرية؟

مفتاح السلام بيد الإسرائيليين من أصل عراقي. إنهم يشكلون نحو 7.7 بالمائة من مجموع السكان. إنها نسبة ضئيلة ولكن الإسرائيليين من أصول عربية وشرقية يشكلون نحو 47.3 بالمائة، أي نحو نصف السكان. كانوا يشكلون الأكثرية المطلقة حتى مجيء هذه الموجة من المهاجرين الروس. رغم قلة العراقيين فإنهم يحتلون مكانة خاصة في المجتمع الإسرائيلي بقدراتهم ومؤهلاتهم وأخلاقهم ونضوجهم السياسي، وأيضا لأنهم أحفاد يهود بابل وورثة التراث التوراتي. وبكل هذه الصفات، بإمكانهم أن يلعبوا دورا كبيرا في صياغة توجهات الكتلة المزراحية ( اليهود الشرقيون).

كان أكثر اليهود العراقيين من الشيوعيين واليساريين والليبراليين والديمقراطيين. كان المفروض فيهم وبإخوانهم من المغاربة واليمنيين أن يصبحوا جسرا يربط إسرائيل بالعالم العربي. لم يحدث ذلك. والأسوأ منه أن المزراحيين دأبوا على التصويت لليمين الإسرائيلي االمتطرف. إنه يعتمد عليهم كليا في الحصول على هذه الأكثرية في الكنيست. طالما حيرني هذا اللغز. لماذا يصوت المزراحيون لليمين؟ السبب الأول روح الثأر والانتقام مما عانوه في السنوات السالفة لنزوحهم من بلدانهم العربية. روح الثأر عاطفة مهمة في كل الأقوام السامية مع الأسف. السبب الثاني، خلفيتهم في بلدانهم الأصلية الشرقية التي تتجاهل حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية. الأشكناز (اليهود الغربيون) أكثر تفهما لحقوق الفلسطينيين وعطفا عليهم بسبب خلفيتهم الحضارية الأوربية. السبب الثالث هو عدم الثقة بأنفسهم وبانتمائهم للصهيونية بالنسبة للأشكناز. راحوا يثبتون انتماءهم وولاءهم بتحاشي التعاطف مع العرب والقيم العربية وحتى اللغة العربية. السبب الرابع هو أننا نحن العرب لم نحاول التواصل والوصال معهم. اعتبرناهم خونة وجواسيس وكفى.

هكذا ضيعوا على أنفسهم لعب هذا الدور التاريخي في إقامة جسر مع العالم العربي، وتبني مواقف متعاطفة مع الفلسطينيين ومع سياسة السلام مع العرب. قد يستغرب القارئ إذا قلت إن مفتاح السلام في الشرق الأوسط بيد هذه الشريحة من المجتمع الإسرائيلي. المطلوب الآن هو حملة مكثفة لإعادة تثقيف هذه الشريحة، وإقناعها بتغليب مصالحها ومستقبلها ومستقبل إسرائيلها على عواطفها الفجة. بتحولهم لدعم اليسار وأحزاب السلام ينطلق الفجر.

اليهود العراقيون يحملون معهم الازدواجية العراقية. تراهم يتحرقون للعراق وذكرياتهم فيه وحنينهم إليه وهيامهم بموسيقاه وتراثه، ولكنهم يصوتون لكل من يستنكر ذلك ويقطع عليهم حبل الوصال مع وطن الأمس وإخوان الأمس.

www.kishtainiat.blogspot.com