لا توجد رصاصة سحرية على إيران

TT

عندما يقول المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون بأن «جميع الخيارات مطروحة» لمنع إيران من الحصول علي الأسلحة النووية فإنه عادة ما يفهم من ذلك أنه سيتم قصف المواقع النووية الإيرانية في ناتنز وبعض المناطق الأخرى قصفا جويا.

ولكن هناك خيارات أخرى لاعتراض سبيل البرنامج الإيراني ـ حملة خفية لتقويض وخداع مؤسسات إيران النووية. وبالرغم من السرية التي تحيط بمثل تلك الجهود، فإن تقارير متعلقة بجهود إسرائيل والولايات المتحدة في هذا الصدد قد ظهرت في الصحف في الآونة الأخيرة وهو ما قوبل بلا شك باهتمام في طهران.

وتثير تلك التقارير التي تم نشرها سؤالا مهما: هل تقدم برامج التقويض السرية تلك «رصاصة سحرية» للتعامل مع التهديد النووي الإيراني ـ مما يرفع تكلفة استمرار إيران في برنامجها النووي في الوقت الذي تتجنب فيه رد الفعل غير المتوقع الذي يمكن أن يعقب ضربة عسكرية تقليدية؟

والإجابة هي: للأسف لا أعتقد ذلك. من الواضح أنه تمت محاولة تجربة تلك البرامج السرية بالفعل ومن الواضح كذلك أنهم لم يستطيعوا وقف مسيرة إيران تجاه الحصول علي التقنيات المطلوبة لإنتاج سلاح نووي.

إن الأسباب المنطقية وراء برنامج تقويض موجه ضد إيران واضحة بما يكفي. وإليك كيف يفسر مسؤول سابق بوكالة الاستخبارات الأميركية القضية نظريا: «من الناحية الفنية فإن البرنامج النووي مسألة معقدة تتطلب مواد دقيقة وتدفقا مستمرا للمعدات الفنية وهو ما يمثل خطورة. فالحرائق المفاجئة، وحوادث المعدات الميكانيكية والفشل التقني، إلخ كلها عوامل تبطئ البرنامج. والأكثر أهمية من ذلك أنه عند نقطة ما سوف تزيد مخاوف الاستخبارات العكسية من داخل إيران».

وظهرت آخر قصة متعلقة ببرنامج التقويض في 16 مايو (أيار) في صحيفة «وول ستريت جورنال» في مقال للصحافي الإسرائيلي رونين بيرغمان بعنوان «حرب إسرائيل السرية مع إيران». ويؤكد بيرغمان أنه عندما أصبح الجنرال ميير داغان مدير الاستخبارات الإسرائيلية في 2002 فإن آرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل وقتها طلب منه أن يؤسس «موساد حاملا بين أسنانه سكينا» فكانت إيران هي الهدف الأساسي لداغان، وفقا لبيرغمان الذي عمل كمراسل للصحيفة الإسرائيلية اليومية «يديعوت أحرونوت».

ويقول بيرغمان في مقالته «كانت النتائج هائلة» «فخلال السنوات الأربع الأخيرة، تأخر مشروع تخصيب اليورانيوم الإيراني لسلسلة تبدو علي أنها حوادث: اختفاء عالم نووي إيراني، تحطم طائرتين عليهما حمولة لها علاقة بالمشروع، وانفجار معملين».

ويصف المسؤولون الإسرائيليون بيرغمان بأنه مراسل لديه الكثير من المعلومات ووصف أحد المسؤولين قصصه الصحافية بأنها «ليست مختلقة تماما». وأخبرني مصدر إسرائيلي بأنه كانت هناك جهود تخريبية حقيقية تمكنت من خلالها إسرائيل من اختراق سلسلة الموردين لإيران في ثلاث دول علي الأقل وتقديم معدات مزيفة لهم. ولكن هذا المصدر يحذر من أن مزاعم بيرغمان حول النجاح «الهائل» مغالى فيها.

ومرشدي بخصوص الاستخبارات الإسرائيلية في المخابرات الإسرائيلية هو يوسي ميلمان كاتب العمود في صحيفة «هآرتس» الذي ألف عدة كتب حول الموساد. ويقول إن داغان التزم حقا بمنع إيران من الحصول علي الأسلحة النووية بعد رئاسته للموساد معبرا عن ذلك التصميم في رسالة موجهة إلي رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى. ويعتقد ميلمان أن هذا الجهد الخفي ليس له إلا نجاح محدود، فأيا ما كانت العقبات التي واجهها الإيرانيون في طريقهم، كانوا قادرين علي الاستمرار.

وقد أخبرني ميلمان الأسبوع الماضي بأن: «لا أعتقد أن الموساد قادر علي شن حملة تخريب شاملة وقادرة علي وقف البرنامج الإيراني».

ورصد ديفيد سانغير من جريدة «نيويورك تايمز» جهود الولايات المتحدة التخريبية في عدة قصص صحافية وفي كتابه الأخير «الإرث». وإليكم ما كتبه سانغير في قصة صحافية نشرت بالصفحة الأولي في 11 يناير (كانون الثاني): «بدأ برنامج أميركا السري في عام 2008 واشتمل علي تكرار الجهود الأميركية لاختراق خطوط الإمداد الإيرانية بالخارج، إضافة إلي جهود جديدة بعضها تجريبي لتخريب الأنظمة الكهربائية وأنظمة الكومبيوتر والشبكات الأخيرة التي تعتمد عليها إيران. ويهدف البرنامج إلي تأخير اليوم الذي تتمكن فيه إيران من إنتاج الوقود اللازم لتصنيع أسلحة نووية والتصميمات التي تحتاجها كي تنتج سلاحا نوويا فعالا».

ولكننا يجب أن نكون صرحاء: فإن الأنشطة السرية غير المعترف بها التي تم القيام بها حتى الآن لم توقف البرنامج الإيراني وليس من المحتمل أن توقفه في المستقبل.

فليست هناك رصاصة سحرية. فأفضل طريقة لوقف إيران من تصنيع القنبلة هو الدبلوماسية جنبا إلي جنب مع التهديد بتوقيع عقوبات قاسية بالإضافة إلي التهديد الصريح باستخدام القوي العسكرية.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»