تعليم أكثر من خاص

TT

منذ سنوات شاركت في تأسيس نواة برنامج التعليم الخاص في إحدى الجامعات الأهلية بالمملكة العربية السعودية، وأطلق من خلالها برنامج طموح للمنح الدراسية الموجهة لهذا المجال عن طريق مساهمة مقدمة من أحد كبار المصارف التجارية، وكذلك تم إطلاق أول مختبر قياسي لهذا المجال تبرعت به مشكورة إحدى الشركات المساهمة الكبرى، ومن كثرة الكم الهائل من المعلومات التي حصلت عليها من خلال هذه التجربة تولد لدي إحساس شخصي بأهمية التعليم الخاص عموما ومدى الحاجة لتنمية مفهومه في العالم العربي، خصوصا في ظل غياب واضح للمعلومات وندرة الإحصائيات وقلة المراكز المتخصصة وندرة الكفاءات البشرية. وبعدها أدركت حجم التحدي والمشكلة بوضوح أكبر عندما كانت لي فرصة المشاركة في تأسيس المجلس الدولي لصعوبات التعلم، وهو مجلس أعلى مكون من جنسيات عالمية مختلفة، معني ببحث شؤون صعوبات التعليم الخاص، وكنت العضو العربي الوحيد فيه، وتبين لي ندرة المواد باللغة العربية والمهجنة بالنكهة المحلية (وهي مسألة في غاية الأهمية والدقة والحساسية)، ولذلك عندما تظهر للملأ بوادر جهود فردية أو مؤسساتية في هذا المجال النبيل يكون من الضرورة الملحة إبرازها والإشادة بها لأن المجتمع ينتظرها بفارغ الصبر والاحتياج لها هائل.

في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة تبذل الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية جهودا كبيرة لأجل تمكين أصحاب الاحتياجات الخاصة بكافة صورها، عن طريق التأهيل والتدريب والعلاج والتعليم والمساندة وإطلاق التشريعات الداعمة لهم بشكل عملي، وكرست كل ذلك عبر رسالة ورؤية مدروسة بعناية ومتابعة ومدارة بمهارة، وكذلك هناك جهد واضح وكبير يستحق كل الدعم والشكر والتقدير للأستاذ معين يحيى الذي قام بدراسة مستفيضة، ومن بعدها إصدار معجم لمصطلحات التربية الخاصة، وهو يشمل ما يقارب 1531 مصطلحا باللغة العربية، تدور كلها في موضوع التربية الخاصة وما يتبعها، وهي دراسة وعمل هام لكل من له علاقة بهذا المجال، الذي كان يعتمد في مجمله على المصطلحات الإنجليزية نظرا لانعدام المرجعية العربية لذلك، وهو صالح للمعلمين والمشرفين والتربويين والآباء والأمهات.

وفي ذات السياق الحيوي تقوم الدكتورة سحر عبد العزيز القصيبي بمجهودات كبيرة في مجال التعليم الخاص بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية عن طريق إشرافها على برامج التعليم الخاص في جمعية فتاة الخليج الخيرية النسائية بالخبر، فهي لها مجهودات تعليمية وإشرافية كبيرة، وكذلك مؤلَّفها المهم الذي بات مرجعية لافتة في هذا المجال، يستخدم بفعالية ويستشهد بمحتواه. واليوم وهي تدير المركز الجديد الذي تم وضع حجر الأساس له، والذي يحمل اسم علم مهم من أعلام مجتمع الأعمال السعودي «مركز عبد العزيز القصيبي للتعليم الخاص»، الذي من المنتظر أن يكون نقلة نوعية في التعاطي مع قضايا وشجون التعليم الخاص بحسب رؤية المركز، والذي قيل فيه إنه سيؤكد «حق المواطنة وتساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وتجسيد مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يحث على التعاون والتراحم بين أبناء الوطن».

كذلك يشاد، وبتقدير، بجهود الدكتورة سعاد اليماني رئيسة مجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، والتي ساهمت بحراكها التوعوي والإعلامي الجيد في رفع الوعي وتحسين الثقافة لمواجهة هذا النوع من صعوبة التعلم وتحسين نظرة المجتمع لها بتواصل إيجابي وقوي.

وهناك تحية مطلوبة للدكتور عبد الله محمد الصبي صاحب الموقع الإلكتروني المفيد «أطفال الخليج ذوو الاحتياجات الخاصة»، وهو موقع تثقيفي تفاعلي شامل يغطي الكثير من الإعاقات وصعوبات التعلم بشكل إخباري وتعليمي سهل وممتع، يزيل الغموض واللبس عن الكثير من الملابسات الدقيقة.

هناك أشخاص آخرون يعملون في صمت ويستحقون التحية والتقدير لأن ما يقومون به هو جهاد حقيقي تعم فائدته على الآلاف، لهم منا كل تحية وإجلال واحترام.

[email protected]