أوباما عندنا.. يا مرحبا!

TT

أيام قليلة ويحل على الشرق الأوسط الرئيس الأمريكي الجديد أوباما. وهو يجيء إلى المنطقة مرحبا به بشكل واضح على الصعيدين الرسمي والشعبي، هو يأتي ممثلا لأمريكا «مختلفة» كما أنه حتما يأتي إلى عالم عربي «مختلف». أمريكا مختلفة على الصعيد الرسمي، فهو شخصيا يحمل نفسية وأفكارا ونهجا غير الذي كان عليه سلفه بوش، والذي بات يوصف بأنه الرئيس الأسوأ في التاريخ الأمريكي، نظرا لرعونته وعنجهيته في التعاطي مع الأحداث، وتبسيطه الساذج للأحداث السياسية، حتى جعل العالم كله ضده لسبب أو لآخر، لأنه لا يرى الأمور مثلما يراها هو. وإدارة أوباما هي غير إدارة بوش، هي إدارة أكثر واقعية وأكثر إنسانية وأكثر دراية بما يحدث حول العالم بتمعن وعمق. باراك أوباما استطاع أن يقرأ بنفسه بلاده جيدا ويبدأ في إطلاق اختياراته للمناصب الإدارية وتشريعاته السياسية، هو إدراك بأن الناخب الأمريكي جنح باتجاه اليسار وأصبح أكثر ليبرالية وابتعد عن اليمين المتشنج الذي كان الطابع والسمة الأكبر لعهد بوش وزمرته جماعة المحافظين الجدد، وهذا منحه الثقة الداخلية المطلوبة لأن تكون لقراراته الزخم والدفعة المهمة. وهو يأتي لعالم عربي مختلف. عالم عربي لا تزال إسرائيل واحتلالها للأراضي العربية وانتهاكها المستمر للقوانين والاتفاقات الدولية والمواثيق هو المشكلة الأكبر والكارثة الأهم، والميول الأمريكي التام لصالح إسرائيل في هذه المعضلة أثر بشكل مباشر على الانطباع العربي (الإيجابي عموما) تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

أوباما قام بالمطالبة بقوة بضرورة وقف فوري للاستيطان الشيطاني في الأراضي المحتلة والذي يمارس من قبل إسرائيل، وطالب بحل يحتوي على دولتين، فلسطينية وإسرائيلية، وقوبل هذا برفض وتعنت وقح وفج من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان. ليس هناك من جديد ليقال لأوباما في الشأن الفلسطيني ـ العربي ـ الإسرائيلي. الكرة في ملعب إسرائيل ولن يستطيع أحد أن يضغط عليهم سوى المعلم الأمريكي. نفس النقاط يعلمها كل رئيس أمريكي أتى للمنطقة من قبل وقدمت الاقتراحات تلو الأخرى، من سياسات الخطوة خطوة، لمبادرة روجرز، لكامب دافيد لاتفاقية واي، لخارطة الطريق، كلها فشلت لأنها كانت غير عادلة وغير ملزمة لإسرائيل. إسرائيل تمارس علنا خلط الأوراق حتى تكسب أكثر في التفاوض مع الولايات المتحدة والعرب، فتدخل إيران وكبح جماح برنامجها النووي كشرط أساسي «قبل» التفاوض.

وكل الأمل أن لا يسمح لهذا النوع من الهرطقة في أن يتحول بأي شكل إلى طرح جدي، لأنها جزء أساسي من الوقاحة السياسية لإسرائيل التي باتت العلامة الرئيسية في طرحها. نعم إيران مزعجة ومقلقة في تدخلاتها السياسية في دول المنطقة، إلا أنها ليست إسرائيل أبدا، ولا يجب خلط الأوراق بهذا المعنى. إسرائيل تبقى هي الدولة الأكثر خطورة، هي صاحبة الترسانة النووية المارقة، هي المحطمة وغير المكترثة لقرارات دولية، هي المتنصلة من اتفاقيات وعهود، وهي المحتلة لأراضٍ، وهي الدولة المسجلة بالأمم المتحدة بدون حدود رسمية. السيد أوباما مرحبا بك عندنا، مشكلتنا في وضع إسرائيل «غير الممكن» وغير «العادل»، وهذه مسألة بات من الضروري أن تتغير، وخصوصا أنت فزت في حملتك الرئاسية وأنت تنادي بالتغيير.

[email protected]