صخب إيراني.. وهدوء سوري

TT

هناك مفارقة تستحق القراءة المتأملة في منطقتنا. ففي الوقت الذي يهاجم فيه الإيرانيون، على كل المستويات، الإدارة الأميركية، متهمينها بالوقوف خلف عملية مسجد زاهدان الانتحارية، كان الخطاب السوري يتسم بهدوء ملحوظ نحو الأميركيين.

استهداف المسجد الشيعي تبعه بعد يوم واحد إطلاق نار على مركز انتخابي للرئيس نجاد، مما زاد من الانفعال الإيراني، حيث تم إعدام ثلاثة متهمين بتنفيذ عملية مسجد زاهدان، بشكل سريع، كما سارع المرشد الإيراني إلى إلقاء خطاب موجه للشيعة والسنة في إيران يدعو لضبط النفس.

حدث كل ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الأنباء السورية أن الرئيس الأسد استقبل في دمشق كلا من السيناتور تيد كوفمان عضو مجلس الشيوخ الأميركي، وتيم وولز عضو مجلس النواب. وقالت الوكالة إن الرئيس السوري بحث مع ضيوفه العلاقات الثنائية بين سورية وأميركا «وضرورة العمل على إزالة العوائق التي تعترض هذه العلاقات». كما ثمن الأسد «تبني الرئيس أوباما الحوار أسلوبا لمعالجة المسائل الصعبة»، بحسب الوكالة.

واللافت هنا أن إيران تهاجم أميركا بحجة أن واشنطن تعبث بأمنها، بينما سورية تمتدح أوباما، وتدعو إلى «ضرورة» إزالة العوائق التي تعترض علاقة البلدين، ويأتي هذا التصريح السوري التصالحي، بعد تجديد واشنطن للعقوبات المفروضة على سورية!

ومن المهم التنبه هنا إلى أن الهجوم الإيراني على واشنطن ليس وليد انفجار زاهدان، بل من قبل ذلك، وتحديدا حين قام المرشد الإيراني بزيارة إلى إقليم كردستان الإيراني، قبل أسابيع، شن فيها هجوما عنيفا على السلفيين ووصفهم بأعداء الأمة، وعملاء لأميركا!

وتغير الخطاب السوري أيضا لم يكن وليد الزيارة الأميركية الأخيرة، فقد كان لافتا خطاب الرئيس الأسد خلال اجتماع وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي في دمشق حين قال «علينا ألا نسمح بانتهاك سيادتنا واستقلالنا»، وقوله أيضا «فنحن بحاجة للدعم من الأشقاء والأصدقاء في كل العالم»، مما حدا بالأمير سعود الفيصل إلى القول «يجب أن تكون كلمة الرئيس الأسد ورقة منهجية لأعمال هذا المؤتمر، وأن نأخذ بنصائحه بأن نتكل على أنفسنا وأن نقوم بالإجراءات التي تكفل مصالحنا وتحمي أوطاننا».

هذا ليس كل شيء، فهناك أيضا تصريحات مهمة لمستشار الرئيس الأميركي، مارتن أنديك، نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، حول ضرورة استجابة حكومة نتنياهو لمساعي أوباما في عملية السلام. في تلك التصريحات قال انديك إن السوريين يطرحون موقفا مساندا لعملية السلام، و«إذا كانت سورية جادة في نواياها، وهذا ما نحن نفحصه في هذه الحقبة، فإن الأمر سيضعف من المخطط الإيراني للسيطرة على المنطقة».

ويقول انديك إنه في سورية تلاحظ اليوم مرونة أكثر من ذي قبل، مضيفا أنه إذا اعترفت إسرائيل بسيادة دمشق على كامل الجولان، فإن السوريين مستعدون للتفاوض على كل شيء آخر!

المراد قوله هنا أنه طالما أن منطقتنا بانتظار أيام حاسمة، من زيارة أوباما إلى الرياض، وخطابه بالقاهرة، والانتخابات اللبنانية، وكذلك الانتخابات الإيرانية، فإن كل تصريح، وموقف، في منطقتنا يستحق الرصد بدقة.

[email protected]