مكبرات صوت تعلك

TT

أخبرنا مساعد الأمين العام بان كي مون، أن بلاده جعلت تدريس اللغة الإنكليزية في كافة المدارس إلزاميا مثل اللغة الكورية. وقال إن ذلك جاء بعد دراسات استغرقت سنين لسبل التطور والنمو الاقتصادي والتجاري والعلمي. وفي المراحل الأخيرة من انهيار الاتحاد السوفياتي، برزت اقتراحات رسمية عدة بفرض اللغة الإنكليزية من أجل ضم موسكو إلى حركة الاقتصاد العالمي.

إذن، اللغة الأخرى مجرد وسيلة عملية، مثل الرياضيات أو علم الأحياء أو علم الغابات. لا أعتقد أن دولة تجارية في حجم اليابان تضع مراسلاتها باليابانية. وعندما عمل اللبناني البرازيلي كارلوس غصن، في طوكيو لم يكن يتفاهم مع الآخرين بالعربية أو اليابانية أو البرتغالية أو الفرنسية التي يجيدها، بل بالإنكليزية.

لم تلغ الإنكليزية قيم كوريا الجنوبية وثقافتها. وقد انتحر الرئيس السابق لشعوره بالعار بسبب تهم الفساد، التي وجهت إليه. ويعتز الجنوب الكوري بأنه انتقل من الفقر إلى المرتبة الاقتصادية السادسة أو السابعة في العالم. وعلى بعد خطوات منه في الشمال لا تزال الأناشيد الحماسية تعلك في مكبرات الصوت، فيما يموت عشرات الآلاف من البشر في المجاعات.

وتقايض كوريا الشمالية، بقحة مذلة وعلانية فاجرة، تدمير قوتها النووية لقاء مساعدات أميركية وغربية ودولية. وكلما تأخرت المساعدات أطلقت صاروخا أو فجرت قنبلة. ولم يكن أحد في العالم يملك صواريخ وأساطيل ورؤوسا نووية قدر ما يملك الاتحاد السوفياتي. وفي النهاية تناثر فوقها وتركها تصدأ في القرم، فيما خرج مواطنوه يبحثون عن الحياة بعد 75 عاما من مكبرات الصوت الفارغة.

يرفض النظام الكوري الخروج إلى الشمس، لأنه إن فعل سوف يصاب بالعمى. لقد تغير الذين أنشأوه وتولوا حمايته، ولا يزال يحرم أهله من القمح ويطعمهم مكبرات صوت. انهار السوفيات وتغير الصينيون من حفاة إلى ناطحات سحاب، ولا يزال الرفيق كيم جونغ ايل، يعرض على العالم الشيء الوحيد الذي يملكه: قوة التدمير والتخريب وإزعاج العالم.

لا شيء يمنعه من إطلاق صاروخ كل يوم، في حين يملك أعداؤه ما يستطيع محو كوريا الشمالية في أربعين ثانية. لكنه يعرف أن من يملك هذه العدة الهائلة لا يستطيع استخدامها. ويمضي في استهلاك طاقته الوحيدة: الابتزاز. ويغطي شعبا بأكمله ببطانية من مكبرات الصوت وصورة بالبزة الثورية، فيما يهرب نصف الشعب إلى الصين خلف لقمة أو كوب.