مصالحكم أولا يا أوباما

TT

قلت للرئيس أوباما: أنت واهم يا سيادة الرئيس إذا ظننت أن الشعوب العربية متلهفة لسماع ما ستقوله للعالم الإسلامي الخميس القادم في القاهرة، ومع تقديرهم لشخصيتك العصامية المكتنزة بالكاريزما وأنك رئيس مختلف إلى حد ما، لكنهم أيضا يظنون أنك لن تختلف كثيرا عن سلفك من الرؤساء السابقين في تغيير سياسة أميركا تجاه القضية الفلسطينية.

الرئيس أوباما: وأنت أيضا واهم إذا ظننت أنني سأفرط في مناصرة إسرائيل أهم حليف استراتيجي على كوكبنا.

قلت لأوباما: ناصر إسرائيل كما شئت، وادعمها سياسيا وماليا وعسكريا كما ترغب، فهذا حقك وحق ما يراه بلدك شأنا استراتيجيا، لكن ليس من حقكم يا سيادة الرئيس مناصرة إسرائيل على مظالمها وجبروتها وتسلطها واستهتارها بحق الشعب الفلسطيني الضعيف، إن تفهم أميركا للعدوان الإسرائيلي الدموي على غزة وترحيبها بعدوانها الوحشي على جنوب لبنان، والاستمرار في رفع الفيتو ضد أي تجريم لإسرائيل، والسكوت عن إنشاء المستوطنات وتمدد هذا السرطان البغيض، والتغاضي عن رفضها للقرارات الدولية، ومباركة التضييق على عيش الفلسطينيين وتحركاتهم، وبناء سجن كبير اسمه غزة، وتشييد الجدار العنصري البغيض، والكيل بمكيالين في كل قضايا العالم الإسلامي الساخنة، والتضييق على الإسلام والمسلمين «أحيانا» تحت شعار محاربة الإرهاب وإشعال الحروب الظالمة بسببها، هو الذي أوجد مرارة عميقة في طول وعرض العالم الإسلامي الذي تريد توجيه الحديث إليه في خطابك القادم، ولا يمكن أن تزول هذه المرارة وهذا الضيم الواضح بمجرد خطاب تلقيه في القاهرة مهما كنت خطيبا مفوها ومتحدثا بليغا، وحتى لو أعلنت إسلامك وألقيت خطابك من جوف الكعبة، لأن العالم الإسلامي يريد رئيسا فعالا لا زعيما قوالا.

الرئيس أوباما: اتضحت الصورة، حسنا، ولكنك لم تعلق على إدراج السعودية في برنامج زيارتي للشرق الأوسط؟

قلت للرئيس: لأن زيارة بلد استراتيجي فيه قبلة العالم الإسلامي الذي ستخاطبه، هذا إضافة إلى ثقله السياسي والاقتصادي تأتي منطقية وطبيعية، واسمح لي سيادة الرئيس، أن أقترح عليك أن تستثمر زيارتك للسعودية في تقديم عربون بسيط يخفف من مشاعر السخط العامة ثم تنطلق منه للملفات الأكثر تعقيدا، سأطرح بين يديك قضية إنسانية سعودية في أميركا هزت الرأي العام السعودي وهي محل اهتمام الحكومة السعودية، وحلها في يدك ومن صلاحياتك سيدي الرئيس.

الرئيس أوباما: أي مشكلة تتحدث عنها؟

قلت للرئيس: مشكلة المبتعث السعودي والسجين في ولاية كلورادو الذي اتهم بالتحرش بخادمته الإندونيسية.

أوباما: الذي أعرفه أن إدارة الرئيس بوش تعاملت مع هذا الملف بما يكفي.

قلت لأوباما: يا سيادة الرئيس، حكومة الرئيس بوش تعاملت مع مشكلة حميدان تحت ظروف محاربة الإرهاب وملاحقة المتشددين، وهذا المبتعث كان معتدلا ونشطا في خدمة الجالية الإسلامية، وقد ترك هذا النشاط أثرا سلبيا على تحقيقات «الإف بي آي» وحكم المحلفين، ثم إن المحلفين الأميركيين لم يفهموا اختلاف الثقافات بين البلدين، وهذا ما أدى إلى حكم قاس بالسجن المؤبد مع أن التهمة تحرش جنسي من الدرجة الرابعة، في الوقت الذي قتل فيه الجنود الأميركيون عمدا عددا من المسلمين في العراق وأفغانستان خارج إطار المواجهات، واغتصب بعض جنودكم نساء عربيات في العراق ولم يتعد حكم محاكمكم على هذه الجرائم الكبيرة السجن سنتين أو ثلاثا.

الرئيس أوباما: مقارنة فعلا مزعجة ومجحفة ومسيئة لأميركا، أنا ممتن لك على هذه الفكرة الرائدة، خاصة أننا قدرنا للمصريين استباقهم لزيارتي بإطلاق سراح المعارض أيمن نور وتبرئة الناشط الحقوقي سعد الدين إبراهيم، وأظن أن السعوديين سيقدرون خطوة أميركية مماثلة بحق السجين حميدان تسبق زيارتي لهم أو أعلن عنها في الرياض. هذه أحلام يقظة مع الرئيس أوباما والحالمون بها كثر، فإن رأيتم لها أثرا إيجابيا فذلك ما كنا نبغي، وإن كانت الأخرى فهي أضغاث أحلام وما كنا بتأويل الأحلام بعالمين.

[email protected]