إلا إذا كان عقابا نستحقه!

TT

قالوا لنا: إذا ذهبتم إلى بلاد (نيام نيام) فسوف تجدون كل شيء قد كبس عليه النوم. الأشجار تراخت أغصانها ونامت عليها العصافير والفراشات.. وإذا نظرتم تحت الأشجار فسوف تجدون الأقزام قد استغرقت في النوم.. لدرجة أنها تنام حتى الموت ـ أي باللهجة المصرية: تروح عليها نومة..

وأسعدني أن أسمع ذلك. وسافرت مع القوات المصرية تحت علم الأمم المتحدة سنة 1961 لحماية حكم الرئيس لومومبا.. وهبطت الطائرة في مدينة كوكياتفيل.. الأرض خضراء والأشجار أكثر خضارا والجو بديع. واختفت القوات المصرية في مواقعها. وفي اليوم التالي سمعنا أن بعض القبائل هاجموا القوات المصرية وانفردوا بأحد الجنود وأكلوه..

أما الذي كان يهمني هو أن أعرف ماذا يأكل أبناء نيام نيام لكي يناموا.. وقالوا لنا إن أي واحد ينام على الأقل يوميا 15 ساعة.

لا أريد أن أنام كل هذه الساعات في يوم واحد.. يرضيني أن أنامها في خمسة أيام وأكون سعيدا..

وسألت. وحاولت أن أفهم. لم أستطع. ولقينا الرئيس لومومبا. وكان في حالة سيئة جدا. كان مخمورا. وكانت ملابسه تكاد تفلت منه. وهو يحاول أن يجمعها تحت الحزام. ولا ينجح في معظم الأحيان. وسألت وقيل لي إن الذي سمعته ليس صحيحا وأن الناس عاديون جدا. صحيح حياتهم في غاية الكسل. فليسوا في حاجة إلى أي نشاط.. وليس عليهم إلا أن يمدوا أيديهم.

وفي الليل لم تكن سوى غرفة واحدة. والغرفة ملحقة بإحدى الكنائس. وقد تجمعت فيها كل أنواع الحشرات. ولها أصوات مخيفة يضاف إلى ذلك صوت الوحوش في الغابات حولنا.. ولا أعرف كيف ينام أي إنسان. وسألت إن كانت هناك ذبابة (تسي تسي) التي لدغتها والقبر ـ أي إذا لدغت فالضحية ينام ولا يقوم. فقيل لنا إنها بعيدة.

خاب أملي! ولا يسعدني أن أعرف أن الذين كانوا يسكنون ـ مثلي ـ في (أرق لاند) أو أرض الأرق: نابليون والملكة كاترين الكبرى وتشرشل والأدباء: ديماس الأب والابن وديكنز وكافكا ومارسل برست والشاعر رديارد كبلنج والفاتنة مارلين مونرو والرسام فان جوخ والموسيقار العظيم بتهوفن.

رحمتك يارب ـ إلا إذا كان هذا عقابا نستحقه؟!