كيف تغير العرب بسبب أوباما؟

TT

باراك أوباما إما أنه أذكى رئيس يدخل البيت الأبيض، أو أنه لا يدري ما يفعل بل يجرب حظه في أشهره الرئاسية الأولى بالسير في منطقة الألغام الخطرة، الشرق الأوسط. حتى الآن يبدو أن كل ما فعله حقق نجاحا جيدا في منطقة تجذرت فيها الكراهية لكل ما هو أميركي منذ عهد ليندون جونسون وحتى اليوم.

تبدو مقامرة، ومع هذا أراهن أن أوباما قادر على تغيير، لا الصورة النمطية عن الولايات المتحدة، بل أهم من ذلك تغيير منطقة الشرق الأوسط إلى الأفضل. مهمة تكاد تكون خرافية ومستحيلة، لكننا نراه بدأ خطواته الأولى، حتى الآن، بشكل جيد وحقق نتائج جيدة تؤكدها كل الاستطلاعات التي أظهرت أن غالبية العرب ينظرون بإيجابية وتفاؤل إلى سيد البيت الأبيض الجديد.

عادة إرضاء العرب غاية لا تدرك، فهم يلومون واشنطن على كل شيء تقريبا، سواء إن امتنعت أو تدخلت. تلام على الديكتاتوريات إن تعاملت معها، وإن أسقطتها تتهم بأنها تريد فرض ثقافاتها السياسية. تلام على كل المتناقضات، الفقر، والجهل، والاحتلال، والإرهاب، وكبت الحريات، ودعم المتطرفين، ومطاردة الإسلاميين وحتى طلاق الزوجات. عمليا هي الشيطان الذي يلام على كل شيء سيئ.

الحقيقة، أوباما ليس مطلوبا منه إرضاء ثلاثمائة مليون عربي، ولا حل كل القضايا، فهناك ألف قضية في المنطقة، ولا محاربة كل الحروب، بل بوسعه أن يختصر مشروعه في قضية واحدة، النزاع العربي الإسرائيلي. إن نجح في تفكيك وحل النزاع يكون قد أطفأ أكبر الحروب في العالم وأقدمها ووضع المنطقة على الخط الصحيح، وإن كان هذا لا يعني إنهاء بقية القضايا. سيحقق بذلك لأول مرة أمنا وسلاما لإسرائيل المحاصرة في بحر من العرب. وسيحقق نهاية لظلم طال لأكثر من خمسين عاما لمشردين فلسطينيين، وسينهي ذرائع الكراهية ضد أميركا في المنطقة التي استخدمها خصوم الولايات المتحدة منذ أيام الاتحاد السوفيتي سابقا وتنظيم القاعدة حاليا. هذه الأهداف الثلاثة تكفي لتشجيعه على خوض المغامرة.

على أوباما ألا يضجر من كثرة ما سيسمعه في المنطقة من إلحاح عليه للتحرك لحل النزاع العربي الإسرائيلي، ففي الأمر مديح. فهي ظاهرة جديدة بأن يعتقد العرب، على اختلاف مواقفهم السياسية، أنه الرجل الموثوق فيه والقادر على الحل. انقلاب كبير في التفكير العربي الذي كان يرفض مبدئيا الوسيط الأميركي، وكان يصر في الماضي على المشاركة الأوروبية والروسية، اعتقادا منه أن أي رئيس أميركي طرف منحاز أصلا لإسرائيل، حتى الرئيس جيمي كارتر، الذي رغم ما بذله لتحقيق سلام بالفعل عادل لمصر وإسرائيل، رفض من أول يوم بدأ وساطته في كامب ديفيد. هذا الانقلاب يعود فضله إلى أوباما، الذي أقنع أهل المنطقة بأنه زعيم محايد في مسائل مثل القضية الفلسطينية، ورجل عادل في التعامل مع مساجين غوانتانامو، ورجل لا يعادي المنطقة بدليل أنه خاطب المسلمين في أنحاء العالم فور توليه الرئاسة.

[email protected]