خطاب أوباما إلى العالم الإسلامي

TT

سيلقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد أيام قلائل خطابه الموجه للعالم الإسلامي من القاهرة. وبالرغم من أن الخطاب غير مسبوق في طبيعته ومكان إلقائه والجمهور المخصص له، فإن تلك العناصر ليست أهم ما يميزه. إن رمزية المكان لها عمق مناسب ومكمل كمنصة للتحدث إلى العالم الإسلامي وإبلاغه بأن الولايات المتحدة مهتمة بالتواصل مع المسلمين حول العالم، وتسعى نحو تقوية العلاقة البناءة التي أساسها الاحترام المتبادل. فنحن نشارك العالم الإسلامي المقدر بنحو 1.3 مليار إنسان ـ ومن بينهم الملايين من المسلمين هنا في أمريكا ـ نشاركه في القيم الأساسية التي نصت عليها جميع الديانات والتي منها السلام والتسامح والتواصي بالجار كمبادئ دينية جوهرية.

يجب علينا جميعا أن لا نسمح لأولئك من أصحاب الأجندات الضيقة الذين يحاولون إقناع الناس بما اختلقوه من خيالات خبيثة تَدَعي زورا وجود حرب أمريكية على الإسلام بأن يحددوا إطار العلاقة بيننا. فالحقيقة المجردة والمؤكدة هي أن الولايات المتحدة لم تكن قط ولن تكون أبدا في حرب ضد الإسلام. فبالقول والفعل قامت الولايات المتحدة وعلى مر الزمان بمساعدة المسلمين في أوقات الحاجة. إن هذه الحقائق غير قابلة للنقاش لأنها واقع مؤكد. أما من يقبل بالافتراءات فعليه مسؤولية التحقق من ادعاءات مغرضة الهدف منها إلحاق الضرر بنا وبكم. وفي المقابل تقع على كاهلنا مسؤولية، وهي مسؤولية مواجهة مثل تلك الإدعاءات الكاذبة وحث الجميع على مُسَاءَلة ما جاء فيها والتحقُقِ منها. وعندما يستمع المسلمون إلى خطاب أوباما، فمن المهم أن يوازنوا بين الرد العاطفي المبني على ما يكنونه من أحاسيس مسبقة نحو الولايات المتحدة، وبين منطق الحقائق المشاهدة والواقع المعايش لعلاقتنا والإمكانات الكامنة لما يمكن أن يكون عليه مستقبلنا المشترك.

من السهولة ممارسة الانتقائية حين التحدث عن الولايات المتحدة، خاصة في مثل هذا الوقت الذي تعيش فيه بعض الدول الإسلامية أحداثا ذات أهمية. فالعراق وأفغانستان وإيران والصومال والقضية العربية ـ الإسرائيلية والفلسطينية ـ الإسرائيلية، كل منها يمثل تحديا ذا خطوط غير واضحة المعالم، وكل منها يشكل تحديا لعلاقتنا، ولكن يجب أن لا ننسى علاقاتنا الجيدة مع غالبية الـ57 دولة إسلامية. نحن نعلم جيدا سهولة تجاهل الإيجابيات والتركيز على السلبيات في أي علاقة لمن أراد الانتقائية. وبالتالي يصبح من الضروري للعالم الإسلامي أن يدرك أن الولايات المتحدة ليست دولة توسعية، وهو ما تؤكده نظرة عامة للدول التي كان لنا جنود فيها والتي تخلو جميعها من المستوطنات الاستعمارية. وبالرغم من أن العودة إلى التاريخ لها أهميتها، فإننا نؤمن بأهمية أن نعيش في الحاضر وأن نصبو إلى المستقبل. وبالطبع يجب أن لا ننسى الماضي لما فيه من دروس مستفادة، طالما أننا ندرك أن الواقع الذي سنعيش فيه في المستقبل ما هو إلا نتاج قرارات اليوم. فإذا بقينا في فلك الماضي، فإنه يستصعب علينا التقدم إلى الأمام وسيكون مصيرنا المراوحة مكاننا، ولذلك يجب أن نعمل بجد على تحقيق مستقبل أفضل. سوف تستمعون إلى ما سيقوله الرئيس أوباما في الرابع من يونيو في القاهرة، وعسى أن يبعث خطابه الأمل في نفوسكم والتفاؤل للعمل من أجل مستقبل مشترك ومزدهر للشعوب الإسلامية. فقد استمعنا بإمعان وتركيز لما قالته الدول الإسلامية، وفهمنا مخاوفهم وما يقلقهم بشأن القضايا الأهم، مدركين ومقدرين التناقض في الآراء بين بعض الدول حولها. إنه من المهم إدراك تنوع الوسائل وتعددها لتحقيق أهدافنا المشتركة لازدهار وأمن العالم الإسلامي. لقد سمعنا الرسالة بوضوح وهي رسالة نشارك العالم الإسلامي بها ونرغب في التعاون معكم من أجل تحقيقها. نحن جميعا نتشارك في القيم الأهم لحب أطفالنا والعمل من أجل مستقبل أفضل لهم. إن هذا الخطاب المرتقب يعكس رغبتنا في حوار صريح حول العلاقة بيننا نحن الاثنين؛ أمريكا والعالم الإسلامي بما فيه من ثراء عرقي وثقافي وطائفي ولغوي. إن هذا الخطاب مع العالم الإسلامي لن يكون كلاما من أجل الكلام، أو فقط من أجل أن نقول إننا تحدثنا إلى العالم الإسلامي، أو لملء أثير القنوات الفضائية بمقاطع من الخطاب. خطبة الرئيس أوباما هي تجاوب مع العالم الإسلامي، ومناسبة لتقديم الاحترام له مع التعبير الصادق عن هدفنا للدخول في حوار مستمر معه.

* أحد أعضاء فريق التواصل الإلكتروني في وزارة الخارجية الأمريكية