حماس انتقلت للقتال في الضفة

TT

تاه النقاش في الأيام القليلة الماضية وتركز على تهديد حماس بأنها ستوقف الحوار في العاصمة المصرية بسبب الاقتتال الذي دار بين رجالها المسلحين وأفراد من قوات السلطة الفلسطينية في مدينة قلقيلية، في الضفة الغربية.

الحقيقة وقف الحوار ليس القصة، رغم أن حماس نجحت في تحويل القضية إلى الحوار لا الاقتتال العبثي. القصة في ظهور مسلحي حماس في عرين السلطة الفلسطينية. ما الذي دفعهم إلى التظاهر المسلح في منطقة تحت حكم السلطة، ومن ثم الانجرار إلى مواجهة قتل فيها فلسطينيون من الطرفين؟ من المسؤول عن هذا التطور الخطير، ظهور مسلحي حماس في الضفة، الذي ينذر بأن «حرب غزة» قد تتكرر إلى «حرب الضفة»، لتكون أسوأ من سابقتها. حينها ستقرع أجراس الخطر في العديد من العواصم بان الحرب الأهلية الفلسطينية أصبحت اقرب إلى الواقع مما كان يظن كل القلقين حول الوضع في منطقتنا.

وبغض النظر عن تفاصيل الجريمة، التي ارتكبها الإخوة ضد بعضهم البعض، فلا أحد يستطيع أن يبرر خرق الهدنة القائمة قسرا. الهدنة بين حماس والسلطة تقوم على تقسيم الأراضي المحتلة بين سلطتين فلسطينيتين، كل سلطة سعيدة بأرضها وحكومتها وقواتها ومخابراتها وسجونها ودعايتها وعلاقاتها الخارجية، تفصل بينهما إسرائيل.

 ورغم سوء الانفصال إلا انه على الأقل أنهى الاقتتال في غزة والضفة، عندما غادر أفراد السلطة الفلسطينية غزة، بعد الانقلاب الحمساوي الشهير الذي احتلت قواتها مراكز الأمن وسالت فيه الدماء في شوارع المدينة في مظهر لم يعرف له مثيلا من قبل في تاريخ الحركة الفلسطينية بهذا الشكل البشع.

ويجيء ظهور مقاتلي حماس في مدن الضفة الغربية، منطقة حكم السلطة الفلسطينية، لينذر بالخطر الأعظم.. فتح معارك جديدة ستوقف مفاوضات السلام وستعطل الحكومة الفلسطينية التي كلف أبو مازن مرة ثانية سلام فياض بترؤسها بدلا من الانتظار حتى يرضى الحماسيون ويشاركوا في حكومة وطنية. يقول الرئيس محمود عباس، أبو مازن، إنها حكومة تصريف أعمال وسيتم حلها متى ما وافق الإخوة في حماس على المشاركة وبالتالي لا يوجد مبرر لرفضها حاليا. فسكان الضفة يحتاجون إلى حكومة تدير أعمالهم البلدية والخدماتية المختلفة، وواجب السلطة استئناف عملها بدل الانتظار على أمل أن يتفقوا في القاهرة بعد اشهر طويلة من الترحال المتكرر إلى القاهرة.

وإذا كانت مخاوفي صحيحة، فحماس غاضبة من عجزها وفي غيرة من تسيد السلطة الفلسطينية، ولن تدع صورة حديث المدفأة في البيت الأبيض بين أبو مازن واوباما يمر بلا تخريب. ربما هي تبحث عن معركة لتخريب الوضع القائم المريح للسلطة الفلسطينية في الضفة، وإجبار القوى المختلفة، دول المنطقة ودول كبرى وفصائل مسلحة وفرق سياسية والمواطنين العاديين، إجبارها على إشراك حماس في كل شيء، وعدم تجاهلها. إن كان هذا هو السبب فان حماس عمليا ستنجح ليس في دخول الحلبة كلاعب مقبول بل ستنجح في تخريب الضفة الغربية، وإفشال مشروع السلام، وإرضاء إيران، وتعطيل عمل حكومة فياض، وإنقاذ إسرائيل من ضغوط الرئيس الاميركي باراك اوباما والضغوط الدولية. لهذا على حماس أن تعيد حساباتها جيدا لأن هذه لن تكون حرب غزة مع إسرائيل، بل اقرب إلى حرب حزب الله على بيروت الغربية. حزب الله راح بالخزي في العالم العربي بعد فعلته تلك، وحماس سترتكب الخطأ نفسه.

[email protected]