ما على أوباما أن يقوله للمسلمين

TT

عندما يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابه الذي كثرت حوله التوقعات في القاهرة غدا، يجب عليه أن يتخلى عن لهجة الخطاب المتطرفة والشاملة بأن «الغرب في حالة حرب مع الإسلام» وأن يستبدلها بلهجة أكثر دقة تمنح المسلمين شعورا بالمسؤولية والفخر. وقد فشلت إدارة بوش في تبني تلك النبرة البديلة ـ لأن الوجود الأميركي في العراق جعل المسلمين في العالم غير راغبين في الإنصات إلى الرئيس بوش.

بيد أن أوباما أمر مختلف، فكون بعض أفراد عائلته مسلمين وتجسيده للحلم الأميركي، وضعه في موقع متفرد لإعادة صياغة الصورة التي ينظر بها إلى القوة والنفوذ الأميركيين.

وعلى الرغم من الحاجة إلى اعترافه بما يعتقده غالبية العالم الإسلامي بأخطاء أميركية، فإن الاعتراف بالخطأ المحبب ليس أمرا فيه من الطموح ما يكفي للمهمة المرتقبة. وبدلا من ذلك، يجب على الرئيس أن يصوغ خطابا جديدا ـ يذكر فيه العالم بالقيم الأميركية والتحديات التي ستواجهها المجتمعات الإسلامية، في الوقت الذي تستمر فيه الولايات المتحدة كشريك ضد التطرف وكداعم لبناء الدول الإسلامية كمجتمعات أفضل، حيث إن هذه المجتمعات هي التي تصوغ النتيجة النهائية وليس نحن.

يجب على الرئيس أن يشير إلى ثلاثة نزاعات منفصلة ومتداخلة في ذات الوقت:

الدين والإرهاب: وقيام مجموعة صغيرة من الرجعيين الداعين للعنف ـ تقودهم القاعدة وطالبان والمجموعات المتحالفة معها ـ تحاول عبر الوحشية المرعبة إخضاع أكثر من مليار مسلم في العالم لعقيدة شمولية لا تتفق وتعاليم الإسلام، والأمر عائد للمسلمين لمعارضة ونبذ المتطرفين الداعين إلى العنف من بينهم. وهناك أعداد متزايدة منهم تقوم بذلك ـ حتى في باكستان، حيث تم تجاهل تهديد رهيب على نطاق واسع.

إيران وحلفاؤها: حيث تواجه إيران وحلفاؤها سوريا وحزب الله وحماس الغالبية العظمى من الدول العربية التي تضم السعودية والأردن ومصر. ويعد هذا النزاع بين إيران والعرب جزءا من النزاع السني الشيعي الذي يدور في مناطق أخرى كالعراق، لكن التهديد الإيراني يتجاوز الدين.

وبغض النظر عن النزعات الطائفية، فإن المجتمعات الإسلامية بحاجة إلى صد المحاولات التي تقوم بها إيران ووكالاتها الاستخبارية ـ خاصة قوة القدس ـ لبسط التطرف والنفوذ الشيعي في العالم. ويجب على أوباما أن يدرك المحتوى الذي سيقدم به خطابه. وقد عبرت المقالات في الصحف العربية عن مخاوفها من أن الولايات المتحدة تلين من مواقفها تجاه المعسكر الإيراني وطالبان. وسترحب مصر بمعارضة الولايات المتحدة الواضحة للهيمنة الإيرانية على الشرق الأوسط.

الديمقراطية وحقوق الإنسان التي حجبها العديد من الدول العربية عن مواطنيها وهو ما أسماه الناشط المصري سعد الدين إبراهيم «البنية التحتية للديمقراطية: حكم القانون واستقلال القضاء وحرية الإعلام والمساواة بين الجنسين واستقلال المجتمع المدني». وضرورات الحرية تلك أثمن من نتائج صناديق الاقتراع، كما شهدنا في ممارسات الحكم الإرهابي الذي تمارسه حماس في غزة.

وهناك انتقادات حادة تسود بين المسلمين من أن الولايات المتحدة لم تضغط على حلفائها من الأنظمة الشمولية للتوجه نحو الديمقراطية. ولعدد من الأسباب الأخلاقية والاستراتيجية، فإن علينا مسؤولية في دعم مجتمعات حرة ذات حكومات قابلة للمساءلة. وحقيقة الديمقراطيات التي تزدهر في العالم الإسلامي ـ مثل تركيا وإندونيسيا ـ تدحض الأقاويل الكاذبة بأن الإسلام والحرية السياسية لا يتفقان. ولصياغة أسلوب الخطاب كسلسلة من الصراعات بين المجتمعات المسلمة يجب على أوباما أن يشدد على القيم الأميركية ـ مفاهيم التعددية والحرية والفرص التي تناوئ آيديولوجية المتطرفين. كما يجب عليه أن يؤكد أن الولايات المتحدة لن تقف عاجزة في موقف المشاهد في تلك النزاعات. وسوف نقدم قيمنا الخاصة ومصالحنا ـ التي تشمل دعم حل الدولتين الشامل بين إسرائيل والفلسطينيين. ويقدم دعم الدول المسلمة لمواجهة الأخطار الثلاثة بأنفسها إلى جانب الولايات المتحدة كشريك بناء، طريقة ستطيح بخطاب المتطرفين وستسهم في صياغة خطاب جديد أمين وإيجابي ـ لا يرى فيه المسلمون أنفسهم كضحايا، ولكن كعناصر أساسية في النضال العالمي من أجل العدالة.

* جوان زاراتي نائب سابق لمستشار الأمن القومي الأميركي.. وكبير مستشاري مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية. وجيمس غلاسمان وكيل وزارة الخارجية الأميركي الأسبق ورئيس معهد التنمية الدولية

*خدمة «نيويورك تايمز»