ماذا لو ضغط أحمق على الزرار؟!

TT

ليس بمقدور عاقل أن ينظر إلى مستقبل العالم بشيء من التفاؤل والطمأنينة في ظل تراكم الأخطار التي تهدد سلامة سكان هذا الكوكب. والناس الذين انشغلوا قبل أسابيع بالخرافة التي تقول إن نهاية العالم ستكون في عام 2012 نتيجة اصطدام كوكب جديد ـ يظهر في المجموعة الشمسية لأول مرة ـ بالأرض، ويكون مصحوبا بأشعة شمسية تتسبب في انقراض البشر، كان أولى بهم أن ينشغلوا بخطر حقيقي من صنع أيديهم يتمثل في السلاح النووي، ففي هذا العالم الذي أصبح فيه كل شيء قابلا للانتقال السريع لا أستبعد أن يفشل المجتمع الدولي في لجم سباق التسلح النووي، كما لا أستبعد أن يتجاوز امتلاك السلاح النووي الدول إلى المليشيات، ومنظمات الإرهاب.

وقبل أيام استطاعت كوريا الشمالية أن تتحدى العالم وتمضي في مشروعها النووي دون أن تغريها الجزرة، أو تخيفها العصا، ولن يمضي وقت طويل قبل أن تنضم إيران إلى النادي النووي، فهي ماضية في غاياتها، وأهدافها، وقد أعلن رئيسها «أن القضية النووية قضية منتهية بالنسبة لإيران». ولن يكون بمقدور أميركا، أو شرطي العالم كما يظنها البعض أن توقف فيروس السلاح النووي من الانتشار، فتجريد بلد ككوريا الشمالية من سلاحه النووي ليس أمرا قابلا للتنفيذ على المستوى العملي، فالتفكير في أثمانه وأخطاره يجعل الإقدام عليه مغامرة كبرى ستدفع أثمانها البشرية غاليا، وعلى الجانب الآخر لن يكون بمقدور شرطي العالم أن ينصب مظلة نووية لحماية مناطق نفوذه من الأخطار.

إن العالم يعيش اليوم أجواء «مدرسة المشاغبين»، ولا أستبعد معها أن تنهار معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، وأن يتحول العالم إلى «حارة كل مين إيدو إلو»، وسيجبر «ناظر المدرسة» على التفكير في حماية ذاته بدلا من الانشغال بحماية الآخرين.

إن عقلاء البشر يضعون رؤوسهم ليلا على وسادات القلق، فليس بمقدور أحد مهما بلغت درجة تفاؤله أن ينظر إلى المستقبل مجردا من الكوابيس، والكوارث، والفناء، فحينما كان الإنسان لا يمتلك من أدوات القتال سوى أسلحة بدائية وصف أحد المفكرين التاريخ بأنه ترسانة الدموع، فهل بإمكاننا أن نتخيل ما سوف يوصف به عصر الإنسان الحالي إن ارتكب أحمق ذات يوم الخطأ القاتل وضغط على الزرار؟!

[email protected]