العراق.. مرحلة ما تحت السجّاد

TT

قبل ثلاثة أعوام قال لي زميل عراقي «ما تراه بالعراق هو أشبه بسجاد جميل، لكن انتظر حتى ترى ما هو تحت السجاد». واليوم من الواضح أننا في مرحلة ما تحت السجاد. فها هم بعض أعضاء البرلمان العراقي يطالبون جارتهم الكويت بدفع تعويضات على سماحها للجيش الأميركي بغزو بغداد من أراضيها، كما يقولون، فهل إذا دفعت الكويت تلك التعويضات يخرج هؤلاء السادة من الحكم، لأنهم نتيجة ذلك الغزو، هم ونظامهم؟

بل لماذا لا يطالب هؤلاء النواب الأفذاذ الأميركيين بدفع تلك التعويضات، أم أنهم يعرفون العواقب مسبقاً؟ فما يصدر عن بعض المحسوبين على حزب الدعوة والائتلاف الشيعي يجعل المرء قلقاً من قادم الأيام في العراق. ومن يتابع المواقع المحسوبة على بعض قيادات الدعوة، والائتلاف الشيعي، يشعر بالخجل من كثير من تلك الكتابات، والتعصب الطائفي المقيت، حيث الشتائم، والانحدار في اللغة إلى درجة تجعل لغة طه ياسين رمضان وعزة الدوري أكثر رقيا.

وللأسف فإن هؤلاء هم حماة الديموقراطية العراقية الجديدة، فكثير من الكتابات المشينة تصدر من مواقع محسوبة على قياديين في الدعوة، والائتلاف الشيعي، إلى أن بلغ الأمر بأحدهم حد القول «هل علينا اجتياح الكويت مرة أخرى»؟

وإذا كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حريصاً على علاقات مميزة مع دول الجوار العربية تحديداً، فعليه التنبه إلى أنه هو المطالب بتطمين جيرانه لا العكس، وعليه هو الآن إبداء حسن النوايا، لا العرب.

فإذا كان المالكي يحاول النيل مثلا من السعودية لأنها لم توفد سفيراً، فها هي الكويت بسفيرها وكبار مسؤوليها الذين زاروا العراق، تتعرض إلى كل هذه البلطجة السياسية من بغداد، مما يعني أن الخلل في الحكومة العراقية أكبر مما يعتقد البعض.

وإذا تناسى الكويتيون أن العراق سبق له أن احتل بلدهم، فهذا خلل واضح في التركيبة السياسية الكويتية، وطالما أن العراق الجديد، بلغته ومنطقه، أكثر انحداراً من النظام السابق، فمن العبث أن يقال لبغداد عفا الله عما سلف. فها هو أكرم الحكيم، وزير الحوار الوطني العراقي، يقول عن الكويتيين الذين يطالبون العراق بإغلاق ملفات الماضي «يذكر الخطأ الكويتي الجديد العراقيين بسلسلة أخطاء ارتكبتها الكويت خلال العقود الماضية»، إلى أن يقول معدداً أخطاء الكويت، بحسب رأيه «ومثل وضع ميناء الشويخ والملايين من الدولارات لتغذية ماكينة الحرب العراقية في الحرب العراقية ـ الإيرانية وفق منهج (منا المال ومنكم الرجال)».

فهل هذه هي لغة العراق الجديد، أم أنها البلطجة في ثوبها المتجدد؟ وأين هؤلاء من إيران التي خاضت حربا لثماني سنوات مع العراق، أم أن الطائفية أعمتهم؟ بل وعلى ماذا إذاً اُنتقد، ويُنتقد، صدام حسين، طالما المنطق هو نفسه، واللغة أكثر انحداراً؟

إذا كانت هذه هي ملامح العراق الجديد، وتحديداً تحت قيادة نوري المالكي، فعلى الحكومات العربية، وتحديداً الخليجية، الحذر كل الحذر، فكل ما في الأمر أنه ذهب صدام، وجاء ألف صدام.

[email protected]