مبدأ أوباما: تودد إلى أعدائك والْوِ أذرع أصدقائك

TT

تمت خلال الأسابيع الماضية دعوة قادة ثلاث دول هامة وصديقة لأميركا، باكستان وأفغانستان وإسرائيل، لزيارة أوباما في البيت الأبيض، سلمت لهم عقب نهاية الزيارة أوامر واضحة للتحرك ضمن استراتيجية البيت الأبيض الجديدة. ويأتي ذلك مباشرة في أعقاب مفاتحات ودية قام بها الرئيس الجديد تجاه إيران، والصين، وكوبا، وفنزويلا.

هل تدل هذه التحركات على تبلور لمبدأ أوباما في السياسة الخارجية؟. المؤشرات تدل على ذلك. إن مبدأ أوباما في السياسة الخارجية يسعى للضغط على الأصدقاء لتغيير ممارساتهم محل الجدل، وفي نفس الوقت نزع سلاح الخصوم عبر الدبلوماسية الودودة الناعمة.

مبدأ أوباما هذا يشير إلى التحوّل الكبير الذي يحدث حاليا في أساليب وتكتيكات الإدارة الجديدة، وهي مغايرة تماما لأساليب بوش القائمة على الضغط على الأعداء، وتجاهل الأصدقاء.

السياسات الخارجية للرئيسين أوباما وبوش تجاه القضايا الاستراتيجية وملفات الأمن القومي قد لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض في محتواها، إلا أن الاختلاف الأكبر والأهم يكمن في الأساليب والتكتيكات والممارسات. الرئيس بوش نجح في درء الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة من قبل «القاعدة» خلال سبع سنوات، ولكن ذلك جاء على حساب حياة الناس، والحريات المدنية، وسمعة أميركا. الإطلالة الأولى لمبدأ أوباما جاءت خلال زيارته الأخيرة إلى أوروبا، فقد أثار إعجاب الجماهير علنا، ولكن بهدوء.. طلب أو (ضغط) على القادة الأوروبيين لكي يقوموا بالمزيد في أفغانستان، والمناطق الأخرى الساخنة.

وفي القمة مع قادة من أميركا اللاتينية، صافح الرئيس أوباما هوغو تشافيز من فنزويلا، في الوقت الذي كان يخبر فيه الدول الصديقة والحليفة بأنه قد حان الوقت لوقف توجيه لوم إلى الولايات المتحدة على مصائبهم، والعمل معا بشكل أكبر. وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في زيارتها إلى الصين لم تركز على موضوع حقوق الإنسان.

وفي ختام زيارته إلى واشنطن، حمل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز معه إلى حكومته رسالة بأنه على إسرائيل إحراز تقدم مع الفلسطينيين، كما يجب على إسرائيل أن تحافظ على الأمل في حل الدولتين حيا، في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة على إيران لوقف إمكانياتها بخصوص التهديد النووي.. وفي لقاءات أوباما مع الرئيس الأفغاني حميد كرازاي والرئيس الباكستاني أصيف علي زارداري، كانت التوقعات الأميركية واضحة. يجب أن تتعامل كل دولة مع تهديد الطالبان.

وفي باكستان كانت الرسالة التي حملها هولبروك واضحة.. يجب أن يحول الجيش انتباهه بعيدا عن الهند وتجاه الجهاديين المحليين والإرهابيين، الذين أصبحت قواتهم الآن ضمن مساحة على بعد ساعة من العاصمة. في أفغانستان، يجب أن تتعامل حكومة كرازاي مع الفساد بشكل أفضل، وتحسن وضع العدالة، وتعمل بجدية على هزيمة الطالبان المتشددين، ومحاورة المعتدلين. مبدأ اوباما هذا يذكرنا بكتاب ديل كارنيغي، ولكن بعنوان آخر: «كيفية التأثير في الأصدقاء، والفوز على الأعداء».

أوباما ليس ساذجا وهو يدرك قبل غيره أن مثل هذه الطرق مجرد تكتيكات، ولا يمكن التكهن المسبق بما يمكن أن تحققه من نتائج إيجابية.

السؤال هو: إلى متى سوف يمهل أوباما كرازاي ليسيطر على الأمور في أفغانستان ويحارب الفساد المستشري، وحتى متى سينتظر أوباما الحكومة الإسرائيلية الجديدة لكي تتحرك بجدية من أجل تسوية شاملة مع الفلسطينيين، قبل أن يضطر إلى البحث في أساليب وطرق جديدة لتحقيق نتائج إيجابية في حالة فشل التكتيكات الحالية؟

باراك أوباما رئيس براغماتي نادر، وهو يسعى من أجل الدفع بحلول للملفات العالمية العالقة، ولكن دون التورط في المشاكل الخارجية.

أوباما بصورته التي على النقيض من بوش قد يجد حظا من النجاح لتكتيكاته الجديدة، وهو أمر سيعزز مبدأه الجديد هذا إلى حين.

* كاتب أميركي من أصل ليبي