إلى الأمام أيها الجمهوريون

TT

إنني على استعداد الآن لأن أبدأ في الهتاف ومناصرة الجمهوريين.

كلا، ليس تماما، فلا يوجد «حكم رأفة» في السياسة، وعلى أية حال فإن المدافعين باستماتة عن أيديولوجية الحزب ويسيطرون على ما تبقى منه عاجزون عن الخروج بأفكار جديدة، وعازمون على المعارضة بدلا من التعاون. وهو أمر لا أعتقد أن عليهم أن يقوموا به. الحقيقة أن تلك المدخلات من جانب حزب معارض بناء وفعال، كان من الممكن أن تشكل أمرا جيدا في تلك اللحظة المحورية في تاريخ الأمة، إذا ما وجد ذلك الحزب.

وقد وصف الرئيس أوباما ذلك الخواء في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انتهاء المائة يوم الأولى من رئاسته، حيث قال عن الجمهوريين: «إنهم غير قادرين على تعريف الشراكة بين الحزبين لأنهم مصممون على بعض النظريات الخاصة بهم، التي اختبرناها على مدار ثماني سنوات ولم تجد نفعا وإن الشعب الأميركي صوّت من أجل التغيير».

كان أوباما يرد على سؤال حول انضمام عضو مجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا أرلن سبكتر إلى الديمقراطيين والتوقعات «بحكم الحزب الواحد» في واشنطن. وإذا ما أعلن عن فوز آل فرانكن في انتخابات مجلس الشيوخ في ولاية مينيسوتا ـ وهو متفوق على نورم كولمن ببضع مئات من الأصوات ـ فسوف يحظى الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس الشيوخ إلى جانب سيطرتهم على مجلس النواب. من الواضح أن تحول سبكتر إلى الحزب الديمقراطي مبني على أسس حسابية وليس على مبادئ، فأكثر من 200 ألف من مواطني بنسلفانيا انسحبوا من القوائم الانتخابية للحزب الجمهوري بين عامي 2004 و2008 ـ المرة الأخيرة التي ترشح فيها سبكتر من أجل إعادة انتخابه. كان من المتوقع أن يحظى سبكتر بمنافسة قوية من خصمه الديمقراطي البارز في الانتخابات العامة القادمة، لكن المشكلة الحقيقية هي أنه ربما لم يقم بها بعد الانتخابات التمهيدية. والحزب الجمهوري ليس حزبا صغيرا ولكنه أكثر تمسكا بالنهج المحافظ، وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن تنكر سبكتر عن مبادئ الحزب الجمهوري قد أضعف من موقفه على الأغلب أمام منافسيه من اليمين.

ويأتي الانصراف عن الحزب الجمهوري كاتجاه عام في الولايات المتحدة، فقد كشف مركز أبحاث بيو في تقريره، الذي نشره أخيرا، أن نسبة الناخبين الأميركيين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم جمهوريون، قد انخفضت من 30% في انتخابات عام 2004 إلى 23% فيما زادت أعداد المنتمين إلى الحزب الديمقراطي بصورة طفيفة، لكن الفجوة بين الحزبين ازدادت بين الحزبين من ثلاث نقاط إلى 12 نقطة. وأطلق غالبية من تركوا الحزب الجمهوري على أنفسهم لقب مستقلين، وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن نسبة المستقلين المؤيدين لأوباما وسياساته آخذة في الارتفاع.

وقد استنتجت من نتائج استطلاعات الرأي أن هؤلاء الناخبين المستقلين، قد لا يحبون كل ما يفعله أوباما، لكنهم أولوه مصداقية في فهم المشكلات التي تواجهها أمتنا، والخروج بحلول مقبولة.

والشيء الذي يمكنني قوله بشأن الجمهوريين هو أنهم كانوا داعمين لأوباما في سياساته تجاه الحرب في أفغانستان والعراق، غير أنهم كانوا معارضين له في السياسيات الداخلية، وكما قال أوباما «إن معارضة سياستنا على كل الجبهات ربما لا تكون استراتيجية سياسية جيدة». كما أنها ليست أمرا جيدا بالنسبة للبلاد. فالأزمة الاقتصادية بمثل هذا العمق والتعقيد لدرجة عدم قدرة أي فرد على التأكد من الطريقة المثلى للتعامل معها. وهناك إجماع كبير مؤيد لإصلاح برنامج الرعاية الصحية، لكن التفاصيل تظل أمرا ضروريا يجب التعامل معه. أما الطاقة فهي قضية ضخمة ومعقدة، لكن التحول إلى الاقتصاد «صديق البيئة» يمكن أن ينتج عنه بعض الاضطرابات وسيتطلب تضحيات كبيرة. كل تلك القضايا ليست بالقضايا السهلة، وفي الوقت الذي دعمت فيه خطة أوباما التقدمية في كل هذه المجالات، أدركت المناقشات القوية التي لا يمكن أن تسفر سوى عن ازدياد العقبات في سبيل الحصول على خيارات سياسية صحيحة.

ويقول الحزب الجمهوري إنه يدافع عن الحقوق الفردية، وحكومة محدودة المؤسسات الحرة والقيود المالية والدفاع القوي، حيث يصعب الجدال بشأن أي منها، لكن تلك المبادئ تتطلب تفسيرها في سياق أميركا اليوم، التي تختلف عن أميركا عام 1989 أو أميركا 1889. وسوف يسعى الحزب الجمهوري الجديد إلى الدفاع عن خطة تحفيز معدلة وليس مجموعة من التخفيضات الضريبية التي يتفق غالبية الاقتصاديين اليوم علي أنها لا تفي بما يفترض أن تقوم به خطة التحفيز الاقتصادي. كما يجب على الحزب الجمهوري الجديد أن يشارك في غضبة الديمقراطيين من نظام التأمين الصحي الذي لا يتسم بالكفاءة أو العدالة وأن يعمل على صياغة إصلاح حقيقي بدلا من إعاقته. وسوف يدرك الحزب الجمهوري الحديث أن كلمة «لا» ليست الإجابة التي ترغب أميركا في سماعها. ألا تعتقدون أيها الرفاق أن المنافسة أمر جيد؟ إذن فلماذا قررتم عدم المنافسة؟

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»