الرجل ليس له أمان.. وكذلك المرأة

TT

تبرع الجراح الأمريكي (ريتشارد باتيستا) لزوجته بإحدى كليتيه في عام 2001، وقد قال بكل غباء في ذلك الحين: إنه لا يوجد هناك إحساس أجمل من أن تستطيع إنقاذ حياة إنسان آخر ـ هذا هو ما قاله.

غير أن تلك الزوجة في سنة 2008 (قرفت عيشتها) مع ذلك الزوج، (ولعبت بذيلها) ـ أي أن تلك النذلة بعد أن (استصحّت) خانته في وضح النهار عيانا بيانا، فما كان من المضروب ـ ومعاه الحق ـ إلا أن يطالب باستعادة كليته، وقال ـ حسب تعبيره ـ إنها طلبت الطلاق منه، وإذا كانت هي طلبت عدم الرجوع إليه فعليها إذن أن تدفع له تعويضا قدره أربعة ملايين دولار، مؤكدا أنه يريد بذلك أن يجعل زوجته (علّ وعسى) تعيد التفكير بمسألة الطلاق أو على الأقل أن تسمح له برؤية أطفاله، أما الخيانة فقد يغض الطرف عنها، غير أن مركز جامعة (بنسلفينيا) للأخلاقيات الطبية، رفض طلبه هذا، مؤكدا أن استعادة الكلية أكثر من مستحيل، لأن ذلك قد يتسبب في وفاتها، كما أن المحكمة رفضت تعويضه المادي لأن تبرعه كان إنسانيا، ولم يشترط في حينها أي شروط.

وهذه الحادثة أعادت ذاكرتي لحادثة مماثلة في دولة خليجية مع اختلاف الأدوار، وتلك الحادثة قد كتبت عنها في حينها، ولا بأس بأن أحكيها لكم مرة ثانية باختصار لكي تكون عبرة لمن توسم في نفسه شيئا من الشهامة.

والحكاية وما فيها: أن هناك رجلا على قدر لا بأس به من الثراء والعمر، ذلك الرجل أصيب بفشل كلوي، وبذل المستحيل في سبيل إيجاد كلية تلائمه لزرعها في جسده الهرم، إلى درجة أنه ذهب إلى الهند والشرق الأقصى، ورصد مبلغا كبيرا لذلك، ولكن دون جدوى، فكلما كشفوا عليه أو على المتبرع وجدوا أن الكلية غير ملائمة، وساءت حالته جدا، وأصيب بالقنوط. ومن محبة زوجته (الكهلة) له التي رافقته (على الحلوة والمرة) أكثر من أربعة عقود، فقد قررت المسكينة أن تتبرع له بكليتها، وعندما اختبروها، وجدوها ـ يا سبحان الله ـ تلائمه، وأجرى له الأطباء نقلها على وجه السرعة، وساءت حالته جدا وأشرف على الهلاك.

ونذرت زوجته المحبة الطيبة لربها تعالى إن شُفي زوجها واستعاد عافيته، أنها سوف تصوم سنة كاملة شكرا لله، ومع الأيام أخذ زوجها يسترد صحته، بل إنه عاد عشرين سنة للوراء، إلى درجة أنه أخذ يسير ويتشبب ويصبغ لحيته ويتهندم ويردد أشعار الغزل.

واحتفالا بشفائه أقامت زوجته حفلة كبيرة دعت لها نساء المجتمع، ويقال إنها رقصت في تلك الليلة، وذلك من شدة فرحها وغبطتها.

غير أن تلك الفرحة لم تكتمل، إذ لم تمض أكثر من ثلاثة أشهر وإذا بذلك الزوج (النذل) يذهب إلى دولة عربية ويأتي بعروسة لم تتجاوز العشرين ربيعا من عمرها.

عندها طالبت الزوجة (المكلومة) بالطلاق واستعادة كليتها، فحقق لها الزوج طلبها الأول، غير أن طلبها الثاني كان مستحيلا، عندها لم تملك المسكينة إلا أن تتجه لأحد المشايخ لكي يعفيها على الأقل من التسعة أشهر وهي بقية صيامها الذي نذرته، غير أن الشيخ رفض ذلك، وأجبرها على أن تكمل بقية صيامها وتوفي بنذرها، وأخذت ترفع كفوفها في كل مغرب وتدعو عليه.

لهذا أنصح كل زوجة قائلا لها: إياك ثم إياك ثم إياك أن تتبرعي لزوجك بأية كلية من كليتيك، حتى لو رأيته أمامك (يفرفر) مثل الديك الذبيح، فالرجال كلهم عن بكرة أبيهم ليس لهم أمان ـ ما عداي طبعا ـ.

[email protected]