التصويت للبنان أم لإيران

TT

يدلي اللبنانيون اليوم بأصواتهم في انتخابات مصيرية لمستقبل لبنان، وتركيبته كلها، ولن يكون تأثيرها على الداخل اللبناني فقط، بل سيطال الأمر منطقة الشرق الأوسط كلها. اليوم سنعرف ما إذا كان اللبنانيون سيصوتون لمصلحة لبنان مستقل، يحافظ على نسيجه المتنوع وانفتاحه الثقافي، أم سيصوتون من أجل إعلان جمهورية لبنان الإسلامية.

اليوم أيضا سنعرف إذا كان اللبنانيون الذين انعتقوا من الاحتلال الإسرائيلي، وبعده السوري، وجربوا سلاح حزب الله على رؤوسهم يوم انقلاب بيروت، يريدون لبنان مستقلا غير تابع، أم أنهم سيصوتون لوضع أنفسهم بتصرف الولي الفقيه. وهذا الاحتمال الثاني يعني ببساطة أن لبنان لن يعود البلد الذي كان، وما سلم منه لبنان بعد الحرب الأهلية وغيرها سيكون أهون بكثير من التبعية إلى إيران التي ستغير نسيج البلاد بشكل كبير، ناهيك عن القطيعة مع العالم.

فصمود لبنان السياسي والاقتصادي اليوم ليس بفعل شعارات بن نصر الله أو سلاحه، أو بسبب تقلبات الجنرال عون، وإنما سر صمود لبنان هو الدعم العربي والدولي الكبير، وليس بسبب دعم إيران أو أموالها «الطاهرة».

فدعم إيران محصور بالسلاح الخاص لحزب الله لأن طهران تعي أن الحزب هو ذراعها الخارجي، وهو أفضل آلية تحقق لإيران الزخم الشعبي الذي تريده عربيا. ولذا فقد كان أحمدي نجاد صريحا عندما هب لدعم بن نصر الله حين اعتبر أن انتصار المعارضة في الانتخابات اللبنانية سيكون انتصارا للمقاومة في كل المنطقة.

ودفاع نجاد عن حزب الله هو من أجل الحفاظ على الحزب ليكون جاهزا للدفاع عن طهران في حال تعرضت لضربة عسكرية من قبل إسرائيل أو أميركا، وليس كما يقول نبيه بري بأن نجاد يستخدم هذه التصريحات للاستفادة منها في الانتخابات الداخلية الإيرانية. وسيكون كلام السيد بري مقبولا ومنطقيا في حالة واحدة إذا كان جزء من مشروع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في الانتخابات الإيرانية هو النجاح في إلحاق لبنان بولاية الفقيه الإيرانية، وهذا ما يوجب الحذر منه لبنانيا.

كما أن على الناخب اللبناني أن يستفيد مما يجري حوله عربيا، وعلى وجه التحديد العراق، وليتأمل اللبنانيون حال العراق نتيجة الطائفية، والسيطرة الإيرانية على مفاصل كثيرة في البلاد، وكيف يتصرف الساسة التابعون لإيران هناك.

ومن المهم هنا أن يعي اللبنانيون جيدا ما آل إليه مصير مسيحيي العراق، ومن الذي نكل وينكل بهم، ويعرضهم للخطر بتجاهلهم دستورياً، فمن شأن ذلك أن يساعد اللبنانيين على فهم خطورة وضع بلادهم بيد الإيرانيين.

فهل يريد اللبنانيون التصويت لمن يريد إعادة السوريين إلى بلادهم، ولمن لا يجرؤ على مخالفة حزب الله، وهل يريدون انتخاب من اعتبر احتلال عاصمتهم يوما مجيدا، ويعدهم بأن سماحة المرشد الإيراني لن يبخل عليهم بشيء، مقابل من يريدون استقرار لبنان وجعله عضوا في المجتمع الدولي؟ اليوم نرى أي لبنان يريد اللبنانيون!  

[email protected]