أبناء مشروع الدولة

TT

عانى اللبنانيون خلال السنوات الأربع الماضية، وعلى كل المستويات، نتيجة انقضاض فريق على سلطة الدولة، واستباحته قرار الحرب والسلم، ما أدى إلى فقدان المواطن أمنه وأمانه. هذه المعاناة لن تجد ترجمتها إلا في صناديق الاقتراع. ولن تنفع كثافة الضخ الأيديولوجي والإعلامي، والتضليل الذي مارسه فريق «8 آذار»، كما لن ينفع ضخ المال الانتخابي، الذي استخدمه هذا الفريق. فكل ذلك لم يستطع أن يحجب عن اللبنانيين، وتحديدا المسيحيين، ما جرى، ومن ضمنه مساهمة النائب ميشال عون، في منع تكون سلطة مستقلة بعد انتهاء عصر الوصاية.

فما حصل خلال السنوات الأربع الماضية، تلمسه اللبنانيون، واستوطن وعيهم، وسوف يعبرون عنه في الاستحقاق الانتخابي الحالي. على الرغم من أن ممارسة فريق «14 آذار» لم تكن الفضلى في ادارة الانتخابات، وعلى الرغم من الأخطاء التي ارتكبها هذا الفريق، بقي المواطن اللبناني متعلقا بالقضايا الرئيسية، وتجاوز ثغرات الإدارة ليذهب إلى خيارات صحيحة. ولن أفاجأ إذا جاءت النتائج تفوق أكثر التوقعات تفاؤلا، لأن اللبنانيين متعطشون لتأمين شرعية لسلطة شرعية. ولن يتأمن ذلك إلا عبر مجلس النواب.

ولا ننسى أن الطرف الآخر المتمثل بفريق «8 آذار»، لم يخف نياته لا داخليا ولا خارجيا. فقد أعلن نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، إلى ماذا يطمح، كذلك كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أكثر من مفصح عن وظيفة الانتخابات النيابية اللبنانية، وهي وظيفة إيرانية بحتة لا علاقة لها بلبنان.

المواطن اللبناني، ومع حد أدنى من الحياد في السلطة اللبنانية، سوف يختار بشكل صحيح. وأقول إن اختياره لن يقتصر على الجو المسيحي فحسب، إنما سوف ينسحب على الجو الشيعي أيضا. ستسجل هذه الانتخابات بدايات تحول في الجو الشيعي، وإن لم تتجسد نتائج فعالة في صناديق الاقتراع، لكن ستظهر بواكيرها.

هناك توق لدى المواطن اللبناني إلى الحياة العادية، وبالتالي سيكون التصويت ضد الاستبداد وضد الاستباحة. هناك يقظة وطنية. أما ما ستسفر عنه هذه اليقظة فهنا المسألة. وإذا كان من أمر مربك، فالسؤال الذي لا يملك جوابا مبسطا عنه هو: ما الذي ستفعله الأكثرية النيابية في مواجهة قوى الأمر الواقع؟ خاصة أن هناك تحريما واضحا لاستخدام العنف والقوة. الأرجح أن الدولة ستتعايش لفترة قصيرة بين شرعية وأمر واقع. وستحصل عملية تفاعل متبادل بين تنامي إيجابية الوضع الداخلي والوضع الإقليمي.

أعتقد أنه بعد الانتخابات سينشأ تحالف حقيقي، بين أبناء مشروع الدولة في أي موقع وجدوا.

* نائب لبناني