من الساذج.. العرب أم أوباما؟

TT

على اثر خطاب الرئيس الأميركي التاريخي في القاهرة، قال أحد المسؤولين الإسرائيليين إن «أوباما إنسان ساذج يتمتع بنوايا طيبة ولكنه سيصطدم سريعا بالواقع ويصحو من أحلامه الوردية».

وبحسب صحيفة «معاريف» فإن مسؤولا إسرائيليا قال: «لقد توجه أوباما بطلبات عينية من إسرائيل ومن الفلسطينيين والعرب، وإسرائيل ستحاول تلبية القسم الأكبر من طلباته».

مضيفا أن إسرائيل مستعدة «لاستئناف المفاوضات فورا مع الفلسطينيين، لكن العرب لن يحققوا له أي مطلب جدي وسيخيبون آماله سريعا. والفلسطينيون سيبرهنون له مرة أخرى أنهم لا يصلحون شريكا لإسرائيل بعملية السلام، فالرئيس عباس ضعيف ويرفض استئناف المفاوضات معنا، وحماس متطرفة، ورغم أن أوباما لم يعتبرها تنظيما إرهابيا فإنها ترد عليه بسلبية وترفض شروطه للتعامل معها».

واقترح المسؤول على المتخوفين من خطاب أوباما أن «يتحلوا بالصبر قليلا حتى تتضح الصورة في العالم العربي لأوباما، فيدرك ما هو الفرق بين إسرائيل التي تتجاوب معه بغالبية مطالبه، وبين العرب الذين يرحبون به كلاما لكنهم في الواقع لا يفعلون شيئا».

كلام خطير، ومهم، فالإسرائيليون تحركوا سريعا لاستيعاب الصدمة، بينما حماس التي تجنب أوباما وصفها بالإرهاب، وأقر بأن لديها شعبية، مثلما قال إن عليها مسؤولية، وهي إشارة مهمة لمن يفهم، جاء رد فعلها غير مبال، وبدون أي إحساس بالمسؤولية.

والغريب أن بعض العرب يقولون إنهم بانتظار أفعال لا أقوال، بينما خطاب أوباما في حد ذاته يعتبر قمة الأفعال، حيث قدم اختراقا مهما للفلسطينيين، والقضية الفلسطينية، حين ربط معاناة الفلسطينيين بمعاناة الأميركيين السود قبل أن يحصلوا على حقوقهم.

وهو أمر لم تقدم عليه افتتاحيات الصحف الأميركية، ناهيك عن باقي وسائل الإعلام، وفعل لا تستطيع لا السلطة الفلسطينية، ولا حتى حركة حماس بكل صواريخها التنك، فعله. فحديث أوباما عن معاناة الفلسطينيين وربطها بكفاح السود السلمي في أميركا أوصل رسالة الفلسطينيين لعدد كبير من الأميركيين السود الذين يؤيدون رئيسهم الحلم، الذي يمثل صبرهم وكفاحهم حتى رأوا الرئيس الأسود في البيت الأبيض.

ولذا وللإجابة عن السؤال الوارد بالعنوان نقول إن الساذج هو من يتلكأ حيال خطاب أوباما، ولا يمد له يد المساعدة والدعم، خصوصا وهو يتحدث عن حق الفلسطينيين في دولتهم، وأن أميركا لن تدير ظهرها لمعاناتهم، ويخاطب العرب، والإسرائيليين، بكل صراحة.

وإذا كان بعض العرب يقول إن أوباما جاء ليبيعنا الكلام، فإن الساذج هو من لا يجيد حتى شراء الكلام الطيب، خصوصا أن المشككين في خطاب أوباما هم أنفسهم الذين اشتروا كلام أحمدي نجاد في جنيف، يوم هاجم إسرائيل.

والذي حدث يومها أن نجاد باع بعض عربنا الوهم، وأكسب إسرائيل تعاطف المجتمع الدولي، فحينها قاطع كثير من الوفود خطابه، ولا تزال خطابات الإدانة ضد إيران تتوالى حتى الآن.

وعليه فإن أوباما ليس بساذج، بل إن الساذج هو من يضيع الفرصة التاريخية المتوافرة اليوم بين أيدينا لتحقيق الدولة الفلسطينية، وتحرير الأراضي العربية، وأحرج إسرائيل أمام الداخل الاميركي، والمجتمع الدولي.

[email protected]