أمل ضئيل

TT

في لقاء مع لبناني كبير وفوق الأحزاب، الأسبوع الماضي، قلت إذا فازت 14 آذار مشكلة وإذا فازت 8 آذار سبعون مشكلة. إذا فازت الأكثرية فإن المعارضة سوف تبدأ منذ اليوم الأول بوضع الشروط والعراقيل والثلث المعطل. وإذا فازت المعارضة فسوف يبدأ منذ اليوم الأول تغيير النظام، بدءا بالاقتصاد. وسوف تبدأ الودائع الأجنبية بالهرب. وتحت شعار محاربة الفساد سوف يبدأ العونيون عملية تنفير الرساميل. وسوف ينقطع تدفق العرب على لبنان وسوف يتحول خطاب التشنج والغضب من حكاية يومية إلى لغة رسمية.

كان النائب ميشال عون يدعو كل يوم إلى قيام «الجمهورية الثالثة». وهو تعبير ضبابي مائع ومظلة واسعة يمكن أن تضع تحتها أي شيء. والمقصود حقيقة كان تغيير النظام من أعماقه والانتقام من أبناء العائلات السياسية الكبرى التي بنت استقلال لبنان. ولعل النائب عون أشد غضبا اليوم مما هو عادة، ليس فقط لأنه خسر، بل بسبب فوز وليد جنبلاط وسعد الحريري وبهية الحريري ونايلة جبران تويني وسامي بيار الجميل ونديم بشير الجميل وسواهم من الذين يمثلون الجمهوريات التي سبقت ظهور الجنرال عون على ساحات القتال، أولا كقائد للحملة على مخيم تل الزعتر الفلسطيني، ثم معاونا لبشير الجميل، ثم قائدا للجيش مع أمين الجميل، ثم رئيسا للحكومة الوحيدة في تاريخ لبنان التي لم يشارك فيها المسلمون ولم تمثل أمام مجلس النواب. رفع الجنرال عون شعارا جذابا هو محاربة الفساد. لكنه صور الفساد على أنه صناعة عائلة واحدة أو فريق واحد في بلد ينخر عظامه سوس الفساد والاهتراء وتتقدم فيه الرشوة على القانون والمخالفة على النظام والارتكاب على الأخلاق.

ومؤسف أن عون رفع شعار فتح الملفات وهو الشعار الذي كان يرفعه في وجهه المدعي العام السابق عدنان عضوم، كلما أعلن عزمه على العودة من منفاه في باريس. طبعا كان عضوم قاسيا وفظا في ذلك. ولذلك تعجبنا حين لجأ عون إلى اللغة نفسها وإلى اللهجة نفسها وإلى الغضب نفسه الذي كان يتحدث به القاضي عضوم.

بعد نتائج أهم انتخابات في تاريخ لبنان، لنا أمل بسيط هو الذي أعلن عنه الرجل النظيف حقا والذي لا دماء على يديه حقا، الرئيس ميشال سليمان، الذي قال بكل هدوء: نأمل أن تتوقف لغة التشنج. يا ليت.