ولا أعرف اسم هذه اللعبة!

TT

(كأنني) ثور أو حمار يدور في ساقية.. والساقية عندنا في الريف المصري يستخدمها الفلاح لرفع الماء ليروي الأرض.. الفقراء يستخدمون الحمير والقادرون يستخدمون البقر.. ولكن كلا من الحمار والبقرة يجر الساقية وراءه من الصباح إلى المساء. لا هو يدري ماذا يفعل ولا يدري ماذا يفعلون به.. وأقول كأنني والحقيقة أن (كأنني) هذه ليست دقيقة وإنما أنا هذا الحيوان.. والفرق بيننا أنني أريد أن أعرف.. أن أفهم. ولكن الحمار لا يريد أن يعرف.. أو كأنني شمشون الأعمى الذي طال شعره وذهب ينتقم فوقف بين أعمدة المعبد يهدمها عليه وعلى أعدائه.. لولا أنني لا أمل عندي في أن تهتز هذه الأعمدة.. فلا أعداء ولا انتقام.. وإنما أنا العدو وأنا الذي انتقم.. عقوبة على جريمة لم أرتكبها..

كأنني شمشمون أدفع أمامي حجرا هائلا اسمه النهار.. وأظل أدفعه أملا في أن أبلغ الليل.. فإذا جاء الليل رحت أدفع الحجر أملا في ظهور النهار. وأظل كل ليلة أريد أن أتخلص من النهار وأن أتخلص من الليل. ويا ليتني أفعل ذلك نائما.. وإنما أحمر العينين.. عينين بلا دموع. ومن العجيب أنني أمارس معجزة ليلا ونهارا وهي أن الدموع التي تسقط من عيني أعيدها إلى المآقي مرة أخرى.. تسقط فأعيدها ليلا ونهارا..

أو كأنني الفتى الإغريقي سيزيف يدفع أمامه حجرا إلى أعلى الجبل. فإذا بلغ القمة انحدر الحجر وراءه.. سيزيف يدفعه إلى القمة ومن القمة إلى السفح وبلا نهاية. ومصيبتي أنني أحيانا أشعر بأنني سيزيف وأحيانا بأنني الحجر. وأحيانا أنني الجبل أتفرج على العذاب الذي لا معني له..

وأحيانا أجدني ممددا كمومياء فرعونية.. لولا أنها مومياء لواحد لم يمت بعد.. وإن كان يتمنى الموت. والمصيبة أن الموت لا يجيء.. أو أحيانا أجدني واقفا كأنني في سجون مخابرات ألمانيا الشرقية فيضعونني في تجويف في الحائط، ثم يجيء باب ينغلق وأجده ضاغطا على صدري حتى كدت أموت ولا أموت. فهذا هو القبر الواقف.. وبين التابوت الفرعوني والقبر الألماني وتساؤلات سقراط ووحشة يونس وعذاب أيوب ودوخة سيزيف يتلقفني الليل والنهار: كرة يد.. كرة قدم.. كرة طاولة. وأراني أطير وأهبط، طائرا إلى اليمين والشمال، وفي أيد وأقدام كثيرة ولا أصيب هدفا..

ما اسم هذه اللعبة.. اسمها علامة الاستفهام تتحول إلى علامة تعجب إلى دوخة وما يشبه الموت.. من أجل: نقطة في نهاية هذا المقال!