مشعل في القاهرة.. الحذر

TT

تصريحات خالد مشعل في القاهرة، أول من أمس، وإن بدت منفتحة لتقديم حلول للصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، إلا أنها تستوجب الحذر، فالتجارب مع حماس علمتنا أن ليس كل ما يقال يتم تنفيذه.

فلا أحد يعلم ما إذا كانت تصريحات مشعل عن قناعة، أو تحايل بسبب المتغيرات في المنطقة، حيث يقول إن حماس لن تكون عقبة في طريق توقيع اتفاق سلام وقيام دولة فلسطينية على أساس حدود 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنه جاهز للحوار مع واشنطن. وهذا الكلام ليس بجديد، حيث سبق لمشعل أن قاله لصحيفة «نيويورك تايمز»، ثم عادت حماس وأثارت لغطا حوله، والآن يعود مشعل لإعلانه أمام الفلسطينيين والعرب في القاهرة، فما الذي تغير؟

هناك بالطبع متغيرات كثيرة في المنطقة وعلى رأسها خطاب الرئيس الأميركي أوباما، وما أحدثه من زخم سياسي وشعبي، مما جعل آمال السلام أكبر في منطقتنا اليوم من أي وقت مضى. وهناك أيضا المتغيرات في الجانب السوري، حيث لجأت دمشق إلى سياسة الهدوء في ظل اتصالات جادة مع الأميركيين، بلغت حد تطمين مسؤولين أميركيين لأحد المسؤولين الفلسطينيين قبل أسابيع بالقول «لا تقلقوا، دعوا السوريين لنا».

يضاف إلى ذلك مطالبة دمشق لتركيا باستئناف المفاوضات مع إسرائيل، مع تذكر ما أسفرت عنه الانتخابات اللبنانية حيث خسر حلفاء إيران وسورية، وبالتالي فقد تكون حماس استشعرت خطورة كل تلك المتغيرات.

والعامل الأخير هنا هو الانتخابات الإيرانية وما ستسفر عنه، ففوز أحمدي نجاد سيكون مؤشر تصعيد، قد يصل إلى درجة الحرب، بينما فوز مير موسوي سيكون بمثابة مراجعة إيرانية داخلية، تشغل طهران بنفسها لبعض الوقت، أو تشغلها بالتفاوض مع أميركا.

كل تلك العوامل مرجحة لما يبدو أنه ليونة من قبل حماس، لكن عندما نقول الحذر فلذلك أسباب، حيث لا يمكن نسيان ما قاله خالد مشعل ليلة اتفاق مكة، من أغلظ الأيمان، وعظيم الثناء على العاهل السعودي، وبعدها حلت الكارثة، حيث شرعت حماس في انقلاب مسلح في غزة، قتل فيه الفلسطيني أخاه الفلسطيني. والخوف اليوم هو أن تكون حماس تخطط لنفس الانقلاب في الضفة الغربية، خصوصا أن هناك معطيات كثيرة ترجح هذه الفرضية.

ولذا فإن المهم هو ليس ما يقوله مشعل بقدر ما أن المهم هو ما يفعله، حيث سمعنا من زعيم حماس الكثير، وكل ما رأيناه هو إمعان في ترسيخ معاناة الفلسطينيين، وإضعاف قضيتهم.

وعليه فلا بد أن نكون حذرين من قول خالد مشعل بأنه مستعد للحوار مع الأميركيين، فآخر ما نريده أن تكون هناك سلطتان فلسطينيتان تفاوضان من أجل دولة فلسطينية واحدة، حينها ستكون تلك بمثابة هدية من السماء للإسرائيليين.

المطلوب أن يكون الفلسطينيون ممثلين بفريق واحد متفق عليه من أجل مفاوضة الإسرائيليين، وقبلها التحدث مع الأميركيين، فهل يعقل أن يمثل سورية، مثلا، فريقان، واحد يفاوض، والآخر يحاور؟ أمر لا يستقيم بالطبع.

[email protected]