اشرب ولا تشرب القهوة!

TT

ما أكثر ما قال الأطباء عن المساكين ضحايا القولون العصبي ـ وأنا واحد منهم ولا فخر! قالوا لا تأكل كذا وخصوصا كذا، ولا تشرب كذا وخصوصا كذا، وقالوا اشرب الشاي ولا تشرب القهوة ـ لأن البن يحدث خربشة في الأمعاء، وخصوصا في المصران الغليظ. وكنت أشرب القهوة نهارا، وتوقفت عنها تماما، ولم أجد في الشاي ما يعوضني عن مذاق القهوة مع حب الهيل ـ الحبهان كما نسميه في مصر..

وقيل لي: جرب التدخين. وحاولت أن أدخن فلم أستطع، لم أجد في السيجارة أي طعم ولا أية لذة، واستغرقت محاولتي شهرا، واخترت أنواعا من السجائر ومن السيجار ومن السيجارللو.. وتوهمت أنني إذا أتيت بولاعة أنيقة مذهبة سأجد لذة. حاولت أن آخذ وضعا سينمائيا وأنا أدخن فلم أفلح، وأحسست أنني مثل التليفون فيه حرارة ولكن ليس فيه (الور) الذي يجعلك تطلب أي رقم. أي لم تُحدِث هذه السجائر أي أثر إلا التهاب اللثة. وتوقفت عن التدخين، أو عن تجربة أن أفتعل التدخين، ووجدتها تجربة سخيفة!

ثم عدت إلى القهوة زميلا للعظماء المشاهير من مثل الموسيقار باخ ونابليون وفريدريش الأكبر والفيلسوف العظيم إيمانويل كنت والمفكر الفرنسي روسو والأديب العظيم بلزاك والفيلسوف فولتير.. وكان بلزاك يضع إلى جواره دلوا من القهوة السادة ويكتب، ثم يدلي يده اليسرى إلى الدلو ليمتلئ الكوب بالقهوة ويشرب. وللأمانة التاريخية، كانت توجد في الغرفة المجاورة فتاة تنتظره من حين إلى حين ويكتب!

وكنت أندهش للرئيس السادات، فهو يشرب عشرات من أكواب الشاي الصغيرة، ولا يشرب القهوة. وقد جربت شاي الرئيس السادات فلم يعجبني، إنه بالسكر وخفيف جدا، وأنا لا أشرب الشاي إلا بالعسل. ولم يحدث في حياتي أن شربت أو أكلت شيئا بالسكر، فالسكر يحدث لي حموضة ويوجع القولون. ولا وضعت الملح في طعامي، وإنما أستعيض عنه بالليمون. لا أشرب الماء إلا بالليمون..

وذهبت إلى الطبيب الألماني بروفسور الفرو روزنتال وقال لي: اسمع كلامي.. اترك الشاي واشرب القهوة، فهي شفاء للقولون!

ولكنه لا يشكو من القولون، وهو صاحب علم وأنا صاحب تجربة. ولم أشرب!