الحيوان الخرافي

TT

* يقول (سلون ويلسون): عندما كنت طالباً صرخ أستاذ فلسفة الفن في وجهي قائلاً: ليس لديك خيال، إنك عاجز أن تبدع شيئاً.

صدمت من كلامه، ورفضت ما قاله، خصوصاً أمام زملائي، فما كان منه إلاّ أن ابتسم وطلب مني إن أردت أن أثبت له أنني لست كذلك فعليّ أن أرسم حيواناً خرافياً.

ومن شدّة حنقي عليه استجمعت أفضل ما لدي لرسم رأس الأستاذ نفسه على جسد خنزير وجناحَي غراب وذيل سمكة وقوائم حمار.

وراح زملائي يقهقهون بينما الأستاذ ينظر إلى ذلك الرسم باشمئزاز، ثم قال: أرأيت أنك لم تتخيل شيئاً جديداً؟!، وكل ما فعلته كان مجرد تركيب أجزاء موجودة سابقاً. إذن هذا هو كل ما يستطيع الإنسان فعله، فالله وحده يخلق ويبدع، أما الإنسان فيعيد تركيب الأجزاء.

* *

بينما كنت جالساً معه في مكتبه، وإذا بهاتفه الخلوي يرن، وسمعت صوتها المرتفع عبر السماعة وهي تقول له: أبشرك، ثلاثة كيلوغرامات ونصف. فرد عليها بفرح وابتهاج قائلا: مبروك يا حبيبتي، إنني فخور بك جداً. ثم أغلق الخط.

فقلت له مجاملا: يتربى في عزك. ثم سألته: بنت والاّ صبي؟!، أجابني: لا هذه ولا ذاك، لقد فقدت ابنتي من وزنها ذلك المقدار.

عندها أخذت أتخيّل منظر ابنته بامتعاض.

* *

قبل عدة ليالٍ كنت أشاهد برنامجاً أسرياً في قناة (L.b.C)، وكانت المناقشات بين المتحاورين تدور بشكل جاد ومرن ومنفتح، وتطرقوا من ضمن ما تطرقوا إلى العلاقة الحميمية الخصوصية بين الزوج وزوجته في داخل البيت، وهل يحق للزوجة أن ترقص لزوجها.

طبعاً هذا سؤال جوهري ومصيري تترتب عليه أمور وتبعات خطيرة، خصوصاً إذا كان الزوج من النوع الذي «قلبه أخضر ودمه حامي». المهم أنهم وجهوا ذلك السؤال عبر الأثير لشيخ جليل محترم، وكان جوابه في منتهى الكياسة واللطف وقال: لا مانع عندي من أن ترقص الزوجة لزوجها والباب مغلق عليهما وحدهما، فذلك يعتبر من باب المداعبة، ولكن هناك شرط بسيط ووحيد، هو: ألاّ يصاحب ذلك الرقص أي موسيقى.

طبعاً أنا أؤيد وجهة نظر ذلك الشيخ بعنف، فالرقص (الصامت) دون موسيقى هو غاية العقل، والزوجة التي تستطيع أن تفعل ذلك بكل حماسة لا شك أنني أعتبرها أعظم (حرّيفة)، ويجب أن يعض عليها بالنواجذ.